متابعات خاصة/ وكالة الصحافة اليمنية
نشرت وكالة «أسوشييتد برس» الأمريكية، تقريراً مطوّلاً يكشف عن تفاصيل حول اعتداءات جنسية ارتكبها ضبّاط إماراتيون بحق معتقلين يمنيين في سجون عدن.
وقالت الوكالة في تقريرها، إن الإمارات تزجّ بمئات المعتقلين اليمنيين، داخل 18 سجناً سرياً، من دون اتهامات أو محاكمات، وذلك تحت ذريعة الانتماء إلى تنظيمَي «القاعدة» و«الدولة»، متحدّثة عن أساليب تعذيب مختلفة يعتمدها الضبّاط الإماراتيون والحرّاس الذين يعملون تحت إمرتهم، أبزرها التعذيب الجنسي.
ونقلت الوكالة الأمريكية عن شهود قولهم، إن «الحراس اليمنيين العاملين تحت إشراف ضباط إماراتيين استخدموا أساليب مختلفة للتعذيب والإذلال الجنسيين»، لافتة إلى أنهم «اغتصبوا المعتقلين، بينما صوَّر حرّاس آخرون الاعتداءات، حيث قاموا بصعق الأعضاء التناسلية للسجناء، وعلقوا الصخور بخصاهم، بينما انتهكوا جنسياً آخرين بواسطة أعمدة خشبية وفولاذية».
وإذ نوّهت الوكالة إلى أنها لم تتلقَ استجابة من مسؤولي الإمارات على طلبها للتعليق على تلك المعلومات، نقلت عن سجين قوله: «يتم تجريدك من ملابسك، ثم تربط يديك بقضيب فولاذي من اليمين واليسار فتنتشر أمامك. ثم يبدأ الاعتداء الجنسي».
ونشرت الوكالة الأمريكية مجموعة رسومات توضيحية لعمليات التعذيب الجنسي، قالت إنها حصلت عليها من داخل سجن عدن، حيث قام المعتقلون بتهريبها، بعدما رسموها على ألواح بلاستيكية بواسطة قلم حبر أزرق.
شهادات حيّة
ونقلت عن أحد السجناء، الذي اشترط عدم ذكر اسمه خوفاً من انتقام الإماراتيين منه، أنه تم اعتقاله العام الماضي، وتنقّل بين 3 سجون مختلفة يديرها ضباط إماراتيون. وشرح مختلف صنوف التعذيب الذي تعرّض له، قائلاً: «لقد عذبوني من دون أن يتهموني بأي شيء. في بعض الأحيان أتمنى أن يوجّهوا إليَّ تهمة حتى أتمكن من الاعتراف، علّه ينتهي عذابي (…) أسوأ ما في الأمر هو أنني أتمنى الموت كل يوم ولا أحصل عليه».
ونقلت الوكالة عن ثلاثة مسؤولين أمنيين وعسكريين يمنيين قولهم، إن التعذيب الجنسي يُمارس بشكل رئيسي في سجن داخل «قاعدة البريقا»، مقر القوات الإماراتية في عدن، وفي منزل قائد أمن عدن شلال شايع، التابع للإمارات، وفي ملهى ليلي تحوّل إلى سجن يدعى «وضاح»، وفي سجن «بئر أحمد» سيء الصيت.
وذكّرت الوكالة بما حصل في سجن «بئر أحمد» في مارس الماضي، حيث أجبر السجّانون المعتقلين على الخروج من زنزاناتهم عند الساعة الثامنة صباحاً والاصطفاف في ساحة السجن تحت أشعة الشمس حتى الظُهر، عقاباً لهم على سلسلة من الإضرابات التي نفّذوها احتجاجاً على عدم إطلاق سراحهم، تنفيذاً لقرار السلطة القضائية التابعة لحكومة هادي.
وأضافت أنه «عندما وصلت القوة الإماراتية، كان المعتقلون مكفوفي الأعين ومكبلي الأيادي، وتم اقتيادهم مجموعات وفرادى إلى غرفة، حيث كان الإماراتيون حاضرين. فطلب منهم الإماراتيون خلع ملابسهم والاستلقاء. ثم قام أحد الضباط الإماراتيين بلمس أعضائهم التناسلية والأماكن الحسّاسة في أجسادهم».
واضافت أنه عندما اعترض المعتقلون على هذه الانتهاكات، وقال أحدهم للضباط الإماراتيين «هل أتيت لتحريرنا أو نزع ملابسنا؟»، فنهره الضابط قائلاً: «هذه هي وظيفتنا!».
«أبو غريب» في اليمن!
ونقلت الوكالة عن سجين آخر قوله، إنه عندما أجبره الإماراتيون على الوقوف عارياً، «كل ما يمكنني أن أفكر به هو أبو غريب»، الأمريكي في العراق حيث ارتكب الأمريكيون انتهاكات جسيمة ضد المعتقلين العراقيين.
وقال شاهد آخر للوكالة، إن الضبّاط الإماراتيين «كانوا يبحثون عن هواتف محمولة داخل أجسادنا (…) هل تصدق هذا! كيف يمكن لأي شخص إخفاء هاتف هناك؟».
وفي السجن الذي تديره الإمارات داخل «قاعدة البريق» العسكرية، قال سجينان للوكالة إنهما شاهدا عناصر أميركيين وآخرين مرتزقة كولومبيين بعضهم بلباس عسكري.
ونقلت عن مسؤولَين عسكريَين قولها إنهما يعتقدان أن «الموظفين الأمريكيين في الزي العسكري يجب أن يكونوا على علم بالتعذيب، إما لأنهما سمعا صراخاً أو شاهدا علامات التعذيب»، ولم يجزم المسؤولان ما إذا كان الأمريكيون تابعين للحكومة الأمريكية أم من المرتزقة التابعين لإحدى الشركات الأمنية.
وفي هذا السياق، نقلت الوكالة عن مسؤول أمني يمني كبير في سجن «ريان» في مدينة المكلا قوله، إن «الأمريكيين يستخدمون الإماراتيين كقفازات للقيام بعملهم القذر». فيما قال مسؤولان أمنيان آخران، كانا من المقربين من الإماراتيين، إن «المرتزقة، بمن فيهم الأمريكيين، يتواجدون في جميع المعسكرات والمواقع العسكرية الإماراتية، بما في ذلك السجون»، ولفتا إلى أن «مهمتهم الأساسية هي الحراسة».
الاغتصاب باب للتعاون
وينضم إلى لائحة شهود الوكالة، مسؤول أمني سابق تورّط بنفسه في تعذيب المعتقلين لانتزاع الاعترافات، حيث قال إنه «يتم استخدام الاغتصاب كوسيلة لإجبار المعتقلين على التعاون مع الإماراتيين في التجسّس».
وأضاف «في بعض الحالات يقومون باغتصاب المحتجز وتصويره أثناء الاغتصاب واستخدامه كوسيلة لإجباره على العمل من أجلهم».
ودفعت سيطرة الإمارات على جنوب اليمن، والسجون المنتشرة هناك، العديد من اليمنيين إلى أحضان الجماعات المتطرّفة التي تزعم أبوظبي قتالها.
وفي هذا الصدد، نقلت الوكالة عن قائد يمني في الرياض قوله: «في السجون، يرتكبون أكثر الجرائم وحشية (…) أصبح الانضمام إلى تنظيم الدولة والقاعدة طريقة للانتقام من جميع الانتهاكات الجنسية. من هنا، من السجون، يصنعون تنظيم الدولة».
ومن بين أكثر السجّانين وحشية هو اليمني عواد الوحش، وهو سجين سابق تم اعتقاله وتعذيبه قبل موافقته على العمل مع الإماراتيين، بحسب ما قال 4 شهود لوكالة «أسوشييتد برس»، التي لفتت إلى أنه يعمل تحت إمرة قائد قوة مكافحة الإرهاب في عدن، يسران المقطري، الذي لم يتسن لها الوصول إليه.
ونقلت الوكالة عن أحد السجناء، أسماء وألقاب عدد من الجلادين الإماراتيين هم: «أبو عدي، وأبو إسماعيل، وهتلر».
يذكر أن الإمارات حليف رئيسي للولايات المتحدة، وتم الكشف عن سجونها السرية وعمليات التعذيب التي تمارَس فيها على نطاق واسع من خلال تحقيق أجرته «أسوشييتد برس» في يونيو الماضي. وعلى الرغم من التقارير الموثقة عن التعذيب التي تحدثت عنها الوكالة ومجموعات حقوق الإنسان وحتى الأمم المتحدة، فإن واشنطن لم تحرّك ساكناً حيال الأمر، وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاغون» أدريان رانكين غالاوي، إن الولايات المتحدة لم تشهد أي دليل على إساءة معاملة المعتقلين في اليمن.
المصدر: العربي