تحليل/عبدالكريم مطهر مفضل/وكالة الصحافة اليمنية//
للأسبوع الثالث على التوالي تشهد المحافظات السورية الثلاث الواقعة تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية “قسد” مواجهات دامية بين حلفاء الأمس شمال شرق سوريا والتي تعرف باسم “الجزيرة السورية”.
اليوم السبت، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية “قسد” انتهاء عملياتها العسكرية في محافظات “الجزيرة السورية”، إلا أن اشتداد وتيرة المواجهات المسلحة في منبج وذيبان يوحى عكس ذلك.
اشتعال الصراع
في ليلة وضحاها أعلنت العشائر العربية الانتفاضة ضد حليفتها قوات “قسد” بعد شهر من عرض مقطع فيديو مثير يظهر مسلح زعم أنه من مقاتلي “قسد” يقوم في حاجز تفتيش بإنزال فتاة صغيرة من السيارة وضربها والتبول عليها دون أي سبب.
وفي المقابل واجهت “قسد” التحرك العشائري بكل ما أتيح لها من قوة من خلال عملية عسكرية أطلقت عليها مسمى “تطبيع الأمن” زعمت أنها تقوم بحملة ضد مهربي المخدرات.
الكثير من العرب كان يأمل أن تفزع العشائر العربية في شمال شرق سوريا منذ أكثر من 13 سنة ضد الاحتلال الأمريكي والتركي والعناصر الإرهابية خاصة والانتهاكات التي ارتكبت بحق المئات من نساء سوريا من خلال ذبح أزواجهن أمامهن وهتك أعراضهن، وكذا الوقوف ضد نهب تركيا للثروة الصناعية والزراعية السورية ونهب أمريكا للثروة النفطية.
الأحد الماضي، العشائر العربية لم تكتفي بمهاجمة عناصر “دوران كالكام” و”جميل بابوق” في الحسكة والرقة بقدر ما شنت هجوماً عسكريا استهدف مواقع الجيش العربي السوري ومقار حكومية.
وعلى مايبدو، فأن هذا التحرك يخدم في المقاوم الأول أمريكا وتركيا اللتان تقفان وراء تلك الفتنة خاصة بعد مشاركة قوات الجيش الوطني الموالٍ لتركيا ضمن عشائر ريف حلب، حيث يرى الكثير من المراقبين أن أنقرة يستحيل عليها اتخاذ أي تحرك عسكري في مناطق “قسد” حليف واشنطن الأول في سوريا دون أن تكون قد عقدت صفقة سرية مع الإدارة الأمريكية.
توسع نطاق الصراع العرقي
مكمن الخطورة، بحسب المراقبين لا يتمثل في سوريا فقط وتعثر حسمها بين طرفي الصراع في ذيبان ومنبج، حيث يحبس العرب والأكراد أنفاسهم من خروج هذا الصراع العرقي عن نطاقه الجغرافي في سوريا إلى العراق خاصة أن العشائر العربية في شرق سوريا وشمال العراق من عرق واحد تجمعهم القرابة ولهجتهم واحدة وأرضهم كانت واحدة حيث عمد الاستعمار البريطاني والفرنسي ضمن اتفاقية سايكس بيكو في مايو 1916، على تجزئت تلك العشائر في ضفاف نهر الفرات في دير الزور السورية وفصلهم عن أقرانهم في الأنبار العراقية بهدف إضعاف قوة تلك العشائر آنذاك وكذا استخدامهم كورقة لعب في أي زمان.
نفس الشيء ينطبق على الأكراد في سوريا والعراق جميعهم من عرق واحد أقدم المستعمر البريطاني على تشتيت ما كان يعرف بـ”أقليم الكرد” الفارسي بين تركيا والعراق وسوريا وإيران بهدف استخدامهم في أي زمن كورقة لزعزعة الأمن في تلك الدول تحت مسمى التحرر واستعادة دولة كردستان.
ناهيك أن الأكراد في مناطق الجزيرة السورية تربطهم صلة الأنساب من خلال التزاوج فيما بينهما منذ عقود من الزمن.
ويتخوف الكثير من المراقبين العرب، أن تندفع العشائر العربية في العراق لمساندة قرينتها في سوريا ضمن ما يعرف بـ”الفزعة القبلية”، أو أن تصل نيران المواجهات باتجاه المناطق الكردية في شمال العراق في حال تقهقرت قوات “قسد” في الحسكة ودير الزور وريف حلب باتجاه الشرق السوري.
صفقة خفية
وأمام هذا المخطط الأمريكي التركي يستوجب على النظام السوري وحلفاؤه بحسب -المراقبين- التحرك سريعاً لتطهير ما تبقى من مناطق الشمال الشرقي من سوريا من الاحتلال التركي والأمريكي سواء من خلال عقد اتفاق مع “قسد” تقدم من خلاله الحكومة السورية تنازلات بإعطاء الأكراد حكماً ذاتياً في مناطقهم كما هو حاصل في العراق، أو التريث حتى تفضي الحرب أوزارها وتنهك أطرافها المتصارعين لينقض الجيش العربي السوري على تلك المناطق لتطهيرها.
كما يستوجب على “قسد” بعد أن تخلت عنها واشنطن التحالف مع الحكومة السورية قبل أن يقع الفأس في الرأس والذي لن يدمي سوريا بل سيصل عواقبه إلى العراق وكافة المناطق الكردية في إيران وتركيا.
ولفت المراقبين إلى أن “قسد” عليها أن تعي أن العادة الأمريكية تقوم على بيع حلفاؤها والتخلي عنهم مقابل مصالحها او مقابل تحالفات جديدة ولذا ليس من المستغرب عليها أن تبيع “قسد” وتضربهم بحلفائها العشائر العربية التي تحالفت معها ضد النظام السوري وضد الفصائل التابعة لتركيا لتتحالف تلك العشائر مع تركيا ضد “قسد” في صفقة خفية لم يتم الإفصاح عنها.
ورأي المراقبون في انشاق أكثر من 1500 مقاتل من قوات “قنديل” المدججين بأحدث الأسلحة أمام بنادق العشائر العربية وتساقط المعسكرات والمقرات الحكومية ومن ثم مشاركة قوات عسكرية تابعة للفصائل الموالية للجيش التركي أن المخطط ضد الأكراد هو ذات المخطط التركي مع المغول في القدم من خلال إبادة شعب التتار على يد القائد المغولي “جنكيزخان” الذي لم يبقي على تتاري واحد فيما تم تهجير القبائل التركية والكردية نحو جزيرة القرم على أساس أنهم “التتاريين” الناجون من تلك الإبادة.
إحياء المخططات الدينية القديمة