وكالة الصحافة اليمنية//
يُعدّ كأس العالم فرصة جيدة للالتقاء الثقافات والتعرّف على الآخر، جميع الدول على اختلاف سياساتها الخارجية وأنظمتها تحارب للوصول إلى المشاركة في هذا الحدث الرياضي العالمي لما يحمله من تأثير على قلوب الشعوب مجتمعة، ولكن البعض يستغل الحدث لأغراض سياسية في محاولة للتأثير على الرأي العام العالمي، وإنّ الكيان الإسرائيلي الأكثر سعياً في هذا المضمار.
وبينما تجري حالياً تصفيات كأس العالم في روسيا تعمل “إسرائيل” ليلاً نهاراً على استغلال الحدث لمصلحة سياساتها الحالية تجاه العرب والتي يأتي “التطبيع” على رأس أولويتها.
ومن هنا بدأت ماكينات الإعلام الإسرائيلية بالعمل على عدة مستويات:
المستوى الأول: “جسّ نبض” الجماهير العربية ومعرفة مدى تقبّلها لفكرة تطبيع العلاقات في الوقت الحالي
برز هذا الكلام في المباراة التي جمعت منتخب المغرب مع البرتغال في الجولة الثانية من منافسات المجموعة المونديالية الثانية بكأس العالم 2018.
وخلال المباراة حاول “إسرائيلي” رفع العلم بعد نهاية مباراة البرتغال والمغرب في كأس العالم، لكن على ما يبدو ما زال المناخ العربي غير مجهّز لتقبل فكرة الصهاينة، حيث اندفع مجموعة من الشبان المغاربة نحو العلم وأرادوا تمزيقه، وظهر في مقطع الفيديو المنتشر عن هذه الحادثة رفض جماهير المغرب رفع العلم “الإسرائيلي” بين صفوفهم، وفي التفاصيل، نشب اشتباك وعراك بالأيدي بين مشجعين مغربيين وآخرين رفعوا العلم “الإسرائيلي”.
وكان واضحاً جداً أن “الإسرائيليين” يحاولون استغلال المناسبة الرياضية لبثّ أجنداتهم التطبيعية، وسبق ذلك محاولات عديدة في هذا المجال “التطبيع عبر الرياضة”، نجحت في بعض الدول الخليجية وفشلت في أماكن كثيرة، ولكن حرب التطبيع ما زالت مستمرة ولن تهدأ “إسرائيل” حتى تروّض الجميع عبر حربها الناعمة.
المستوى الثاني: استغلال منصّات وسائل التواصل الاجتماعي لـ”دسّ السّم بالعسل”
في الأيام التي سبقت بدء جولات المنافسة في كأس العالم، وبما أن هناك 4 دول عربية تشارك حالياً في هذا الحدث الرياضي العالمي، سارعت “إسرائيل” لاستغلال الفرصة والدخول عبر بوابة بثّ خدعة “حسن النوايا” تجاه الفرق العربية لمعرفتها الجيدة بمدى أهمية هذا الحدث بالنسبة للجماهير العربية.
وخلال كأس العالم قامت حسابات “إسرائيلية” على مواقع التواصل بإظهار أنها تشجع المنتخبات العربية، فقد كتب موقع “إسرائيل بالعربية” على حسابه على “تويتر”، “المنتخب التونسي يخوض اليوم غمار المونديال في روسيا بعد غياب 12 عاماً، ونتمنى لنسور قرطاج التوفيق خاصة مع وقوعهم في مجموعة صعبة تضم إنجلترا وبلجيكا ومعهما أيضاً بنما، حظ سعيد للنسور ولكل المنتخبات الأخرى”، ووضع الموقع صورة كبيرة للاعبين وكتب عليها “بالنجاح والتوفيق تونس”.
وكرّر الموقع الكلام نفسه مع بقية الفرق العربية، في محاولة حثيثة لكسب ودّ العرب، ومشاركتهم أفراحهم وأحزانهم في حدث يجتمع على مشاهدته الكبير والصغير، ومن هنا تحاول “إسرائيل” أن تجد لنفسها مساحة للدخول إلى عمق المجتمعات العربية.
المستوى الثالث: عرض المباريات على قنوات “إسرائيلية” لجذب المتابع العربي
في خطوة اعتبرت محاولة لاستمالة المشاهد العربي خصوصاً في الدول المحاذية لـ “إسرائيل”، كالأراضي الفلسطينية ومصر والأردن، حيث كررت “إسرائيل” تأكيدها بأن إحدى قنواتها التابعة لهيئة الإذاعة الإسرائيلية والناطقة بالعربية ستبث مباريات كأس العالم 2018، مرفقة بتحليل رياضي للحديث عن فرص المنتخبات العربية المشاركة في هذا العام.
يعدّ هذا الكلام تحدياً صارخاً لمجموعة قنوات “بي إن سبورتس” القطرية، حيث أكدت قناة “مكان” الإسرائيلية الناطقة باللغة العربية، أنها ستبث مباريات كأس العالم المقبل، المقرر انطلاقه على الأراضي الروسية منتصف الشهر الحالي، مجاناً.
ونشر الحساب الرسمي “لإسرائيل بالعربية” تغريدة تقول: “ستبث قناة “مكان” الإسرائيلية بالعربية مباريات كأس العالم لكرة القدم مجاناً، بالتركيز على المنتخبات العربية المشاركة في المونديال، شاهدوا التقرير الخاص عن الاستعدادات وفيه قراءة محلل رياضي “إسرائيلي” لفرص المنتخبات العربية”.
يضاف إلى ما سبق أن المنتخبات العربية ترفض المشاركة في منافسة رياضية في حال كان الطرف المقابل “إسرائيلياً”، وإذا عدنا إلى جذر هذه القضية سنجد أنها تعود إلى ممارسات الصهاينة الإجرامية بحق العرب عموماً والفلسطينيين خصوصاً منذ عام 1948م وحتى اللحظة، فكيف يمكن أن يلتقي الطرفان في مناسبة تحتاج إلى “أخلاق وقيم ومبادئ” و”إسرائيل” لا تملك أيّاً منها.
وحاول الإسرائيليون حل القضية الفلسطينية من خلال الرياضة، حيث أرادوا من ذلك تصوير أنفسهم أمام العالم أجمع بأنهم دعاة سلام ولا يرغبون سوى بالسلام، وكيف يتم ذلك وفي كل يوم يعتدي الصهاينة على الفلسطينيين ويقتلون أطفالهم ونساءهم دون ذنب ارتكبوه، وحاولت الفيفا أيضاً عبر رئيسها السابق الخوض في هذا المجال، حيث اقترح الرئيس السابق لـ “فيفا”، جوزيف بلاتر، حلّ قضية فلسطين، برعاية مباراة سلام في كرة القدم بين منتخب “إسرائيل” ومنتخب فلسطين، فهل يعدّ هذا اقتراحاً عقلانياً ومفيداً؟ وما الذي يضمن للفلسطينيين ألّا تستغل “إسرائيل” كرة القدم في خدمة أغراضها وأجنداتها السياسية داخلياً وخارجياً؟، وبكل الأحوال المناخ العربي ما زال رافضاً للاحتلال الإسرائيلي جملةً وتفصيلاً، وإن كانت بعض الأنظمة تستميل الصهاينة حالياً لكنّ شعوبها ترفضها رفضاً قاطعاً. (الوقت التحليلي)