لندن/وكالة الصحافة اليمنية//
نشرت مجلة “إيكونوميست” تقريرا تحت عنوان “أمريكا، إسرائيل والسعودية على أعتاب صفقة”، وقالت إن دبلوماسية بايدن قد تقلب الشرق الأوسط رأسا على عقب، وتعطي السعودية التكنولوجيا النووية.
وقالت المجلة إن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، لم يخف استمتاعه بمنظور معاهدة استراتيجية بين أمريكا والكيان الصهيوني والمملكة. وفي مقابلة تلفزيونية نادرة يوم 20 سبتمبر، اعترف الحاكم الفعلي للسعودية بأن الاتفاق قريب، قائلا: “كل يوم نقترب، وتبدو المحادثات لأول مرة جدية وحقيقية”، وقال إن المعاهدة قد تكون “أكبر صفقة تاريخية منذ الحرب الباردة”.
وفي 22 سبتمبر، أكد رئيس وزراء الاحتلال أن الدول الثلاثة “على أعتاب صفقة” وستكون “قفزة نوعية”.
وتعلق المجلة أن علاقات دبلوماسية بين السعودية الثرية والدولة العربية الأكثر تأثيرا مع الكيان، التي طالما نبذتها، كانت قادمة. فقد التقى محمد بن سلمان، منذ توليه منصب ولاية العهد في 2017 مرة واحدة سرا مع نتيناهو. وهناك علاقات تجارية هادئة بين البلدين حيث تشتركان في معارضة التهديد الإيراني، وقلّة توقعت انضمام السعودية إلى اتفاقيات التطبيع التي وقّعت في عهد إدارة دونالد ترامب، عام 2020، أثناء حياة الملك سلمان، الذي ينتمي لجيل يعتقد أن العلاقات مع إسرائيل خارجة عن التفكير.
ومع ذلك، فقد زادت المحفزات للصفقة. وبالنسبة للسعودية، فالدافع هو معاهدة استراتيجية جديدة مع الولايات المتحدة. وهناك علاقات أمنية بين البلدين، إلا أن السعودية تريد معاهدة دفاع رسمية، وليس أقل من ذلك.
وتشمل المحادثات على تطوير مفاعل للطاقة النووية يتم تخصيب اليورانيوم في داخل السعودية وتحت إشراف أمريكي، حسب صحيفة “وول ستريت جورنال”، وعلى نفس الطريقة التي أدارت فيها الولايات المتحدة شركة أرامكو العملاقة في البداية.
وبالنسبة للرئيس الأمريكي، جو بايدن، فإطار دبلوماسي أمني تدعمه الولايات المتحدة ويقوم على القوتين الإقليميتين، سيكون إنجازا مهما في السياسة الخارجية ويدخل فيه عامه الانتخابي. ولاحظت المجلة التغير في مواقف بايدن من السعودية في أثناء حملته الانتخابية التي لم يرد التعامل معها، لكن الواقعية السياسية هي التي تحكم اليوم.
ولا تزال هناك عقبات محلية مهمة أمام الاتفاق. بدءا من السعودية، ورغم غياب استطلاعات الرأي، إلا أن نسبة 2% من الشباب السعودي فقط يدعمون التطبيع، وذلك بحسب دراسة لمسح الشباب العربي 2023، مقارنة مع 75% في الإمارات و73% في مصر، وكلاهما طبعت علاقاتها مع الكيان الصهيوني.
ولم يذكر بن سلمان في مقابلته، المبادرة العربية للسلام، وهي خطة أقرتها السعودية والدول العربية في 2002، وتقوم على علاقات مع الكيان الصهيوني مقابل انسحابها من الأراضي التي احتلتها عام 1967، بما فيها القدس الشرقية وإنشاء الدولة الفلسطينية. وبدلا من ذلك، قدم الأمير وعودا غامضة مثل منح الفلسطينيين “احتياجاتهم” والتأكيد من توفير “حياة جيدة لهم”. وتتحدث الأطراف كلها عن صورة “شرق أوسط جديد” تربطه المواصلات والطاقة، حيث تتغلب الفرص الاقتصادية على الكراهية.
وربما أدت صفقة مع السعودية لخلق ترددات وتداعيات، فالائتلاف الحكومي التابع للكيان يضم أحزابا دينية وقومية متطرفة ومستوطنين يعارضون فكرة التنازل للفلسطينيين. ولدى المستوطنين تمثيل قوي داخل حزب الليكود، وكلهم يحذرون من أنهم سيعارضون أي تنازلات أو صفقة تتخلى فيها إسرائيل عن المناطق الفلسطينية.
ويبدو أن الزعيم الفلسطيني محمود عباس، توصل لنتيجة وهي أن السعوديين لن ينتظروا إنشاء الدولة الفلسطينية حتى يقيموا علاقات مع الكيان، لكنه يريد من “إسرائيل” تخفيف نشاطاتها الاستيطانية ومنح السلطة حكما ذاتيا أوسع في الضفة الغربية.
ورغم دعم الوسط بقيادة بيني غانتس ويائير لبيد لصفقة سعودية، إلا أن الأخير طرح بعض التحفظات حول تخصيب اليورانيوم في السعودية. وكلاهما لديه تجربة مُرّة في التعامل مع نتنياهو ولديهما الأسباب لعدم المشاركة في حكومة أخرى.
وربما وجد بايدن صعوبة في تسويق الصفقة، فحصول السعودية على مفاعل نووي قد يقلق الأمريكيين الخائفين من انتشارها الأسلحة النووية في الشرق الأوسط. كما أن التقدميين المعارضين للسعودية والجمهوريين الذين يصوتون ضد أي شيء يقترحه بايدن، سيحاولون عرقلة الصفقة.