من المنطقي والمفهوم ان خطاب السيد حسن نصرالله امس وقع على الرؤوس وقوع الصاعقة. فقد التبس فهمه وفهم معانيه ورسائله على الكثيرين. واثار عواصف من الردود وبعضها شامتا، شتاما ومزايدا، لا يفقه شيئا من لغة الخطاب ومن موقع صاحبه وقدراته التي اكتشفت في خطاب الامس انه من صنف القادة التي لا تلد منهم الامم بالدزينات، ومن نوع غير مسبوق، فالناس اعتادت على قادة ميدان وقادة جيوش وحروب ولم تتعرف الى نموذج القائد الاستراتيجي الشامل.
وعندما نصف حدثا بغير المسبوق فالمنطقي ان نفكر به وبتجلياته ونتائجه ومسارته من خارج الصندوق.
ونطلق العنان للعقل والتفكير والخيال والحدس والفراسة، لاكتشاف مفاعيل الغير مسبوق.
بسبب بسيط انه غير مسبوق اي ليس في الذاكرة والاحداث التي سبقت ولا في عقل الروبوت والذكاء الصناعي قاعدة معلومات عن الغير مسبوق، ولم تدرك العقول ما يشبهه ولا يفيد قراءته من نبش الذاكرة.
فنحن وجولة الصراع الجارية كلها احداث وتطورات في زمن وايقاعاته غير مسبوقة؛
فغير مسبوق لن تهاجم غزة الجائعة والعريانة والمحاصرة منذ عشرين سنة وتصنع المستحيل في طوفان الاقصى.
وغير مسبوق ان تدخل امريكا الحرب مباشرة بإرسال ضباطها لقيادة اركان الجيش الاسرائيلي، وان ترسل قوات المارينز والدلتا فورس لتقود الحرب البرية في غزة وتفشل.
وغير مسبوق ان تتوحد الساحات في الحرب ووحدة الساحات تتجلي فلسطينيا في غزة والضفة واللاجئين وفي فلسطين ال٤٨.
وغير المسبوق ان تتوحد الجبهات ووحدة الجبهات مرتبة وتطور اكبر واعظم من وحدة الساحات.
فالجبهات المتحدة والمحاربة والمشاركة في الحرب هي ستة؛ غزة والضفة والجولان التي في حرب منذ ٢٠١٣ وجبهه الجنوب التي دخلت الحرب من اليوم الثاني وكسرت كل قواعد الاشتباك ونشطة ومدت ذراعها الى صفد وحيفا عبر الطائرات المسيرة. وجبهة العراق والحدود السورية العراقية واستهداف الوجود الامريكي باعتبار امريكا العدو ومن يقود الحرب، وكان الكلام والهوبرة كثير قبل اشهر عن عزم امريكا اقفال الطريق بين بغداد ودمشق فيصير الواقع بغداد ودمشق والمحور يقررون تصفية الوجود والقواعد والمصالح الامريكية في قلب العالم سورية والعراق، وغير مسبوق ان تصير المبادرة وقرار الحسم والحزم بيد انصار الله في اليمن وتقصف صواريخهم ومسيراتهم جنوب فلسطين وتسقط كل المخططات للتواصل البري بين الخليج واسيا واوروبا او عبر قناة موازية للسويس من حيفا الى ايلات والبحر الاحمر. واليمن يقبض على عنق الاقتصاد العالمي عبر البحر الاحمر وباب المندب الذي بات تحت سطوة صواريخ ومسيرات الحوثين ومحور المقاومة وقد قصفت ولأول مرة وغير مسبوق قاعدة اسرائيلية استراتيجية في جبال ارتريا .
وغير مسبوق ان يكون مسرح الحرب بوحدة الجبهات بمسرح ومساحة جغرافية اكثر من مليوني كيلو متر مربع وبشعوب شابة تعدادها يفوق المائتان مليون باحتساب ايران التي سجل فيها اكثر من سبعة ملايين اسمائهم متطوعين للشهادة على طريق القدس.
اذن؛ لا عجب ان الكثيرين القابعين في الماضي والتفكير العتيق والماضوي بتجاربه وغير القادرين على الارتقاء بالتفكير من خارج الصندوق العتيق.
الاستثنائي والشامل في صفات القائد الاسطوري وخطابه نضبط بعضه في التالي؛
غزة وحماس والفلسطينيون اعدوا ونفذوا طوفان الاقصى ولم يخبروا احد وهذا من الحكنة والحكمة والسرية وليس للعملية الابداعية في طوفان الاقصى اهداف اقليمية واقتصادية وليس لاحد الفضل فيها، وهذه العبارة تسقط كل الحملات والفبركات ضد ايران والمحور وما كان يتهم به.
وقوله ان غزة وحماس يحب ان تنتصر، عبارة تبطن عبقرية كاملة والتزام بنصرها تحت اي ثمن وايضا تمكين غزة وحماس وفصائلها الفلسطينية والسنية من اداء دورها وجذب الكتلة الاساسية من الامة الى وحدتها ومعركتها التي جرت محاولات حرفها وابدال وافتعال العدو الايراني والشيعي بدل الاسرائيلي والامريكي .
امريكا العدو وهي تقود الحرب والاساطيل اعدينا لها العدة، وهذه ترفع مستوى الخطاب والحرب وتجعل المنازلة مع امريكا وليس مع اداتها اسرائيل وهذه تبطن ان تحرير القدس وازالة اسرائيل باتت في جيبنا والان المعركة والحروب لتصفية الوجود الامريكي والاطلسي والمشاركة الفاعلة بدفن العالم الأنجلو ساكسوني، واكمل امريكا بإمكانها وقف الحرب على غزة وهي المسؤولة عن استمرارها او اتساع رقعتها وتسعير نيرانها. اذن كنا بالزحف الى القدس وتحققت كل عناصر تحقيق الغاية اصبحنا في غاية والقدس وفلسطين محررة لا ولن تبقى امريكا والاطلسي في العرب والاقليم.
بكلمات بسيطة واضحة قاطعة؛ نحقق غاياتنا بحربنا لطويلة وبالجولات ومراكمة النقاط وانتصرنا في جولة الطوفان الحاسمة والعظيمة ومستعدون للجولة الفاصلة والضربة القاضية. وجبهة لبنان على وعدها وعدتها وعتادها، والامر بيد امريكا واسرائيل، فان توسع العدوان على لبنان سنوسع الرد والمدنيين بالمدنيين، وان طلبت غزة او وجدنا لزوم ان ننصرها فسننصرها غير ابهين ووصف كلامه بالغموض واردف غموضا بناء.
والجعبة وما جاء بالخطاب وبدلالة العبارات والاحرف وحركات الجسد والاصبع كثيرة وكثير مما يؤكد ما ذهبنا اليه فكي لا نطيل، نعم انه خطاب النصر وخطاب يرسم قائدا اسطوريا استراتيجيا شاملا. فالقيادة الشاملة من غير المسبوقات ايضا فلنبدأ التفكير من خارج الصندوق.
وقد دلنا التاريخ والحروب على القادة العظام ومن شيمهم ان يحققوا اهدافهم ومصالح شعوبهم باقل الخسائر. فالقائد ليس من يطلب الحرب للحرب انما يحارب لتحقيق الغايات، ويسعى اليها باقل التكاليف.
غدا؛ نصر غزة جار. والبحث بنتائج جولة الطوفان ومسارات ما بعدها بات واجبا ملحا ومن خارج الصندوق وذاكرة الماضي.
ماذا يعني ان تعلنها اسرائيل حرب وجود غير اننا في زمن التحرير الكامل.