مجزرة واحدة من التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي، كفيلة بالذهاب به مكبلًا إلى المحكمة الجنائية الدولية، دون تردد، ناهيك عن أن مجازر الاحتلال تزداد كل يوم في قطاع غزة، لا تفرق بين طفل أو كبير إمراة أو مسن.
يؤكد النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية أن استهداف المدنيين المتعمد ممن لا يشاركون في أي معركة يعتبر “جريمة حرب”، ويُعزز ذلك القانون الدولي الذي يحظر استهداف كوادر أفراد الخدمات الطبية، كالأطباء والمسعفين ووسائل النقل الطبي والمستشفيات، إلى جانب حظر العقوبات الجماعية.
وتنص اتفاقية جنيف الرابعة “البروتوكول الإضافي الأول” على السماح بمرور شحنات الإغاثة الإنسانية وحمايتها وتيسير مرورها، في حين يحظر “البروتوكول الإضافي الثاني” إصدار أوامر بالنزوح القسري للسكان المدنيين لأسباب تتعلق بالنزاع، ومع ذلك انتهكت قوات الاحتلال الإسرائيلي كل هذه المحظورات وأمعنت في القتل والتدمير، استهدف كل مرافق الخدمات الطبية، وعمال الإغاثة ومراكز الإيواء، والمدارس والمنازل والشوارع، عطل الحياة بطريقة وحشية في قطاع غزة، مرتكبا جريمة إبادة جماعية دون الاكتراث بأي عقوبات قانونية من المجتمع الدولي.
حول هذا، أكد مدّعي المحكمة الجنائية الدولية كريم خان، أنّ “عرقلة إمدادات الإغاثة إلى سكان غزة يشكّل جريمة حرب بموجب اختصاص المحكمة”. وقال في تصريح إعلامي: إنّ “سكان غزة يعانون من حرب لم يختاروها، حتى باتت الصورة مرعبة”.
كما أكّد خان على ضرورة عدم “تعليق إمدادات الإغاثة للمدنيين بأي شكل من الأشكال، فهم أبرياء”.
منظمة “هيومن رايتس ووتش” طالبت بتدخل الجنائية الدولية للتحقيق في الجرائم الصهيونية على القطاع الصحي الفلسطيني في غزة، باعتبار ما يحدث جرائم حرب، وأن على “إسرائيل” إنهاء الهجمات على المستشفيات فورًا.
الجزائر .. جنوب إفريقيا موقف ثابت
الجزائر كانت أول بلد عربي يتفرد بالمطالبة بإحالة الكيان الصهيوني إلى الجنائية الدولية، في تأكيد واضح على موقف الجزائر القوي ضد الاحتلال ورفض التطبيع معه، الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، دعا إلى رفع دعوى قضائية ضد (إسرائيل) أمام المحكمة الجنائية الدولية، متهما الاحتلال الإسرائيلي بارتكاب “جرائم حرب” في قطاع غزة.
وقال تبون في خطاب متلفز: “وأنا أمام رجالات القانون اليوم، أناشد جميع أحرار العالم وخبراء القانون العرب والمنظمات والهيئات الحقوقية رفع دعوى قضائية أمام المحكمة الجنائية الدولية والمنظمات الدولية لحقوق الإنسان ضد الكيان الصهيوني لإنهاء عقود من الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة بحق الفلسطينيين”.
وواصلت جنوب إفريقيا إدانتها لكل ما يقوم به الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني، وسبق أن استدعت سفير الكيان الصهيوني لتقديم احتجاج على ما يحصل، اليوم رئيس جنوب إفريقيا، سيريل رامابوسا، قال أن بلاده قدمت شكوى للمحكمة الجنائية الدولية، وذلك من أجل التحقيق في جرائم حرب ارتكبتها “إسرائيل” في قطاع غزة.
وقال الرئيس سيريل رامابوسا، إن “إسرائيل” ترتكب جرائم حرب بسبب ما يحدث في غزة، بالإضافة الي عمليات الإبادة الجماعية التي قتل فيها آلاف الفلسطينيين، بالإضافة لتدمير المستشفيات والبنية التحتية وتابع: ندين الإجراءات الإسرائيلية الحالية، ونرى أنها تستدعي قيام المحكمة الجنائية الدولية بإجراء تحقيق”.
اللاتينيون مع غزة
وأعلن الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو اليوم الخميس، أن بلاده ستدعم الدعوى ضد الكيان الإسرائيلي أمام المحكمة الجنائية الدولية..
وتواصلا للمطالبة بوضع الكيان الصهيوني في شباك الجنائية الدولية، قال الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو، إن بلاده تدعم دعوة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون لرفع دعاوى قضائية ضد قوى العدوان الصهيوامريكي في محكمة الجنايات الدولية.
وأضاف بيترو في منشور عبر “إكس”: إن” جمهورية كولومبيا ستساهم في تلبية دعوة الجزائر لرفع دعوى قضائية لدى محكمة الجنايات الدولية ضد رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو بسبب مجازره ضد الأطفال والمدنيين والشعب الفلسطيني وارتكابه جرائم حرب”.
هذا التضامن أعقبه تأكيدات نائب رئيس الوزراء الأيرلندي، مايكل مارتن، الذي قال:إنّ بلاده “مؤيّد ثابت وقويّ” للمحكمة الجنائية الدولية في التحقيق لما يقوم به جيش الاحتلال في غزة.
ومع أنه لم يعد رئيسا للبلاد؛ إلا أن ما يحصل في غزة من قتل وتدمير وتهجير أثار حفيظته، ورأى أنه من غير المعقول أن يقف العالم متفرجًا على ما يحصل، الرئيس البوليفي السابق إيفو موراليس طالب حكومة بوليفيا بدعم الجزائر في عزمها رفع دعوى ضد كيان الاحتلال الصهيوني أمام المحكمة الجنائية الدولية، كواجب أخلاقي أمام الشعب الفلسطيني والبشرية.
تمويل للمحكمة الجنائية
وفي الوقت الذي يتغاضى فيه الاتحاد الأوروبي ومقره بروكسل عن معاناة الشعب الفلسطيني واستمرار قتل المدنيين حتى اليوم، كان لـ نائبة رئيس الوزراء البلجيكي، بيترا دي سوتر، رأي أخر حيث قالت: لقد حان الوقت لفرض عقوبات على الكيان الصهيوني، مع استمرار عدوانه على قطاع غزّة حتى الآن.
وتابعت: إنّ إسقاط القنابل “كالمطر عمل غير إنساني”.. مشيرةً إلى أنّه بات واضحاً أنّ “إسرائيل” لا تهتم بالمطالب الدولية الخاصة بوقف إطلاق النار.
وأضافت: إّنه يتعيّن على بلجيكا زيادة التمويل للمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، للتحقيق في عمليات القصف.
كما دعت دي سوتر، الإتحاد الأوروبي إلى تعليق اتفاق الشراكة مع “إسرائيل” فوراً، والذي يهدف إلى “تحسين التعاون الاقتصادي والسياسي”، وفرض حظر على استيراد المنتجات من الأراضي الفلسطينية المحتلة.
بدورها دعت وزيرة الحقوق الاجتماعية الإسبانية بالإنابة إيوني بيلارا الدول الأوروبية إلى قطع العلاقات الدبلوماسية مع الكيان الصهيوني وفرض حظر على الأسلحة وعقوبات اقتصادية، وطالبت بتقديم رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وجميع القادة السياسيين الآخرين الذين قصفوا المدنيين إلى المحكمة الجنائية الدولية.
كما دعت الوزيرة الدول الأوروبية إلى اتخاذ إجراءات ضد الكيان وطالبتها باتخاذ قرارات عاجلة تتمثل بقطع العلاقات الدبلوماسية مع تل أبيب و فرض العقوبات الاقتصادية بشكل حاسم وحظر الأسلحة.
جرائم حرب صهيونية
قال الدكتور تريستينو مارينييلو، أستاذ القانون الدولي في جامعة ليفربول وعضو الفريق القانوني لضحايا حرب غزة أمام المحكمة الجنائية الدولية، إن ما تقوم به “إسرائيل” في غزة جرائم حرب ترقى إلى الإبادة، ويمكن أن يشكل ملفا متماسكا يتيح رفع دعوى ضد الاحتلال الإسرائيلي أمام المحكمة.
وكان تحالف قانوني دولي مستقل مكون من 400 محام أعلن مقاضاته للاحتلال الإسرائيلي على جرائم الإبادة الجماعية، التي تمارسها بحق سكان غزة، حيث أعد المحامون دعوة تتألف من عشرات الصفحات، وموثَّقة بكل الجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال في فلسطين، لاسيما جرائم الإبادة، وتقديمها إلى محكمة الجنايات الدولية.
في السياق كان المجلس العربي قد أعلن أيضا عن تشكيل تحالف حقوقي دولي؛ للدفاع عن الحقوق الفلسطينية، وتحريك دعاوى قضائية أمام المحكمة الجنائية الدولية، وكل المحاكم الدولية ذات الاختصاص ضد الكيان الصهيوني.
عجز الدول الكبرى
وفي حين ظلت الدول الكبرى عاجزة عمدا عن إيقاف جرائم الكيان الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني، طالبت 80 شخصية سياسية من 20 دولة المحكمة الجنائية الدولية بوقف الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق سكان قطاع غزة. جاء ذلك في رسالة بعثتها الشخصيات التي تنتمي إلى 20 دولة من أوروبا وأمريكا اللاتينية للنائب العام للجنائية الدولية كريم أحمد خان طالبت خلالها أيضاً بمقاضاة رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والمسؤولين الآخرين في حكومته.
فيما أكد المدعي العام السابق للمحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو أوكامبو، إن “قتل المدنيين في غزة يمكن أن تحقق فيه المحكمة الجنائية الدولية كجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية”.