تحليل خاص..وكالة الصحافة اليمنية..
تعتبر دول الخليج هي الكيان الوحيد الطارئ في الجغرافيا والتاريخ العربي، سواء ككيان خليجي مجتمع أو دويلات خليجية كل بحد ذاتها، دويلات طارئة لا تمتلك من مقومات البقاء سوى ما خبأته الصحاري من ذهب أسود.
لم يتجاوز عمر أقدم دولة فيها الـ 80 عام، ونكون قد أكرمناها بتسميتنا لها “دول” لأنها في الواقع أنظمة مشيخات قبلية وعشائرية يحكم كل منها رقعة من الجزيرة العربية، وتعيش اليوم هذه الدويلات صراعاً مريراً خصوصاً وأنها في منطقة دول وحضارات يتجاوز تاريخها مئآت القرون، وتجسدت الأزمة التاريخية الخليجية في محاولات قيام أمراء الامارات بشراء الآثار من العراق واليمن وسوريا ومصر، واستئجار بعض الآثار الأوروبية لعرضها أو بناء هياكل مشابهة لها في مدن الإمارات الرملية القاحلة.
وبعد مرور ما يقرب من العقدين على محاولة دول الخليج امتلاك بنية تحتية ذات مساحات وقوة من الخيام التي التي تحتويهم كقبائل بدوية مهاجرة منذ القدم، بدأت مشكلتها مع التاريخ تظهر اليوم للسطح وما تقوم به الامارات والسعودية من حرب همجية ضد الأرض والانسان والحضارة اليمنية إلا فصل من فصول حقدهم على هذا التاريخ الكبير الذي يشعرون بالتقزم أمامه واستحالة اللحاق به أو المجيء بمثله أو بجزء منه.
شاركت دول الخليج وخاصة الامارات والسعودية في تدمير الارث الثقافي لكل من العراق واليمن وسوريا، وهي الحضارات الثلاث التي لا يمكن تجاوزها بأي حال من الأحوال، كما تحولت المدن الاماراتية الى أكبر سوق سوداء لتهريب وبيع الآثار والنقوش ودعم وتمويل عصابات دولية لسرقتها من الدول العربية العريقة وخاصة اليمن والعراق وسوريا ومصر.
اكتسبت الامارات صيتاً لفترة محدودة لما شهدته من نهضة اقتصادية، غير أن تلك النهضة وخاصة المعمارية منها تم وصفها بـ “الزجاجية” والمستوردة من خارج المنطقة كأفكار واختراعات وأدوات بناء، ولم تعكس تلك النهضة العقارية سوى ثراء الرجل الخليجي بشكل عام من الناحية المادية، لكنها أثبتت في نفس الوقت أنه لا يملك أي أفكار أو حلول أو ابداعات أو لمسات يمكن أن تحجز له مكاناً في تاريخ البناء والتفكير والتنمية.
السعودية هي الأخرى لا تمتلك أي علاقة بالحضارة سوى ما لديها من ارث ديني في مكة والمدينة وهو ارث لجميع المسلمين وليس خاص بها، ولنفس الأسباب التي دفعت الامارات لشراء وسرقة الآثار من اليمن وغيرها تبحث مملكة آل سعود عن أي مدخل الى التاريخ، وسمعنا مؤخراً عن اعتماد منظمة اليونسكو لموقع او موقعين في المملكة في قائمة التراث العالمي بقرار وصفه مراقبين بأنه مشترى كون تلك المواقع لا ترتقي للدخول في تلك القائمة الى جانب المواقع الأثرية العالمية.
الامارات غامرت مؤخراً باعلانها عن اكتشاف لقرية في جزيرة قريبة من أبوظبي زغمت أن عمرها أكثر من 8000 آلاف عام، وهي شطحة لاقت سخرية واسعة في مواقع التواصل الاجتماعي واستغراب وحيرة علماء الآثار على مستوى العالم الذين صدموا بذلك الخبر “الشطحة” الذي يعبر فعلاً عن الغربة القاسية التي يعيشها أمراء الامارات ودول الخليج خارج التاريخ والحضارة الانسانية.