يضع سره في اصغر خلقه، هكذا قيل قديما، فكيف ان كان سره في العربية الجنوبية التي بنت اهم واذكى الحضارات؛ سبأ وسد مأرب وناطحات السحاب الطينية في صنعاء التي استوطنها البشر برغم قساوة مناخها وارتفاعها الشاهق بمقاييس الأزمنة القديمة.
اليمن، وشعبه الموصوف ببساطته، وايمانه، وتسامحه، وبقسوته وبعشقه للسلاح واتقانه الحروب وعشقه لهزيمة الغزاة ومقبرة الامبراطوريات، كما توثقه كتب التاريخ.
يقول مراقبون إن “اليمن وشعبه الذي تعرض لقرن ونيف للاضطهاد والابعاد والعبث بأمنه واستقراره وتقسيمه، لإفقاره واضعافه ونهب ثرواته ولتمكين الاسر التي فوضها البريطاني وتبناها الامريكي لإنفاذ مصالحه وتأمينها.
ويؤكد المراقبون أن شغلهم الشاغل ظل في اضعاف وحرمانه من فرصة التوحد والتعبير عن نفسه وطبائعه لفرض مكانته وحماية سيادته واستثمار موقعه الحاكم وثرواته الفائضة والكافية لإطعامه واسعاد العرب ولهذا كان اسمه السعيد وموطن جنات عدن.
اليمن الذي اشتق اسمه من العربية الجنوبية، استمر امينا على اسمه وعربيته، وقاتل ببسالة ولم تهدأ حيويته على مر العقود، واستمر على قيمه وطبائعه ولم تهتز له شعرة برغم الهزائم وما ابتلي به العرب من احتراب وتدمير ونهب، وبرغم ان المؤامرات وكثير من الفتن والحروب استنزفته حتى حافة الجوع والامراض والتهجير.
المراقبون أشاروا إلى أن اليمن استطاع بفضل الله تطويع كل تلك التحديات وصنع من الضعف قوة ومن المأساة والجوع ارادة، ومن الحصار والغزو فعل ريادي واستعد للانتقال من المقاومة والدفاعية الى الفعل والهجوم وانتزاع حقه ومكانته.
الايمان والحكمة يمانية.
اوصى رسول الله باليمن؛ وقل صلى الله عليه وآله: “اللهم بارك لنا في يمننا وشامنا”،
وقد باركه الله فانتفض ويؤدي بركاته ورسالته في الدفاع عن اطفال ونساء غزة وحرمة الانسان فيها وبموقفه وسعيه، انما هو يستعيد العروبة ويضعها على جدول الاعمال، ويحمي الامه ويعزها، وينفخ الروح فيها، ويستدعيها للعب دورها المطلوب.
فاليمن والشام (شمال وجنوب) الجزيرة العربية تقاتل وتسعى وتقف على اهبة الاستعداد لأي تطور تفرضها حرب غزة وتستوجبها طوفان الاقصى العجائبية التي اطلقت شرارة حرب تحرير فلسطين من البحر الى النهر.
غير أن اليمن استطاع تغيير معادلات الازمات والتطورات ورفع من وتائرها وجعل البحار مسرح الحرب ومع امريكا والاطلسي وهم بعالمهم الانكلو ساكسوني زرعوا هذه الغدة السرطانية وفتتوا الامة وانشأوا نظم وكيانات قاصرة وعاجزة تتخادم مع الكيان المؤقت لتخديم مصالح الغرب.
فرض اليمن الاشتباك مع الكبار واصحاب الكيان هو الفعل الابداعي والاستراتيجي فحين تنكسر شوكة امريكا واساطيلها الاطلسية وفقدت السيطرة على البحار يصبح تحرير فلسطين ايسر واسرع وهذا ما قرره اليمن والمحور وفصائله تقاتل الأمريكيين مباشرة في سورية والعراق.
لقد صنع ليمن لنفسه مكانة متقدمة وريادية لشعوب الامه، ونموذج لما يجب ان تكون عليه وما يجب ان تفعله لحفظ كرامتها وعرضها وانقاذ طفولتها في غزة، واشتق اليمن لنفسه منفردا المكانة التي تليق به كقوة تتحدى الغرب وتناصر فلسطين فيفرض نفسه في الزمن كقوة فاعلة وهجومية في اعادة ضبط التوازنات وفي اعادة تشكيل الخليج والعرب نظما وجغرافية، بل وأصبح وفقا لخبراء عسكريين القوة التي رسمت صورة جديدة للمنطقة ككل.
هكذا يصنع المستقبل العربي وفي الاقليم وتحفيز الشعوب وقواها وجيوشها الوطنية وارداتها التحررية والتضامنية.
انه زمن فلسطين والعربية بجناحيها والمستقبل يصنع اليوم.
واليمن يقود ويتشكل للنموذج الحافز.