أن تبحث عن لقمة في برميل قمامة لتسد جوعك، فتجد الموت يختبئ خلف الفتات الذي تبحث عنه، أمر موجع، ما حصل لطفلة الشيخ عثمان بمحافظة عدن، لم يكن مشهدًا عاديًا، من سجل وقائع توثق حالة المطحونين في أجزاء اليمن الخاضعة لسيطرة دول التحالف الغنية ممثلة بالسعودية و الإمارات وأدواتهم المحلية التابعة لهما التي ينعم أعضائها برغد العيش.
توجهت الصغيرة “سالي ثمانية أعوام” بلهفة إلى ذلك البرميل؛ وكأنها تتجه إلى محل حلوى، هي صورة تتكرر في عدن والمحافظات المحتلة، لقد تعودت أن تجد هناك كسرة خبزمما قد ترميه بعض الأسر، أو ما تخلفه عائلات لها علاقة بواقع الاقتصاد المتدهور في عدن، هذه المرة خرجت وقد يكون ورائها أطفال اصغر منها ينتظرون أن تعود ببقايا الطعام، قفزت في المرة الأولى والثانية والثالثة حتى تتمكن من اعتلاء “برميل القمامة” لتبحث بأريحية عن طعام.
لم يشفق عليها ” البرميل” هذه المرة وكأنه بسقوطه عليها أراد أن يلفت نظر قيادات التحالف إلى معاناة أطفال وسكان، قدم لهم التحالف “وعودًا” بحياة أفضل، فأغرقت حياتهم بالسواد والحزن.
لقد سقط البرميل على الطفلة التي تناست الجوع وكان كل أملها أن تسحب نفسها مترا واحدا بعيدا عن البرميل، أنهكتها المحاولات؛ لكن البرميل هذه المرة لم يرتفع كما سقط من وقع محاولاتها الأولى، ليطبق على معدتها الخاوية وتموت في المكان الذي ظنت أن به رمقا من حياة.
هيومن رايتس مطالبات مشروعة
وكانت منظمة “هيومن رايتس ووتش” قد طالبت “حكومة معين” والمجلس الانتقالي في نوفمبر الماضي، بتلبية مطالب أهالي عدن، في توفير الخدمات الضرورية للمعيشة.
وقالت المنظمة: إن سكان عدن يواجهون قيودا متكررة ومتزايدة على المياه والكهرباء وأن هذه الانقطاعات تؤثر سلبا على حقوقهم في الصحة والتعليم وغيرها من الحقوق الأساسية المتعلقة بمستوى معيشي لائق، بما فيها السكن اللائق، والمياه الآمنة والكافية، والصرف الصحي المناسب.
لم تكن حالة الطفلة سالي الصغيرة في عدن هي الوحيدة التي هزت قلوب اليمنيين في الداخل والخارج، فمع استمرار المجلس الانتقالي الموالي للإمارات في السيطرة على عدن، وفي ظل خلافه مع ما يسمى بـ”المجلس الرئاسي” التابع للسعودية، تنتشر المآسي الإنسانية جنوب اليمن، وتتواصل الفوضى وجرائم القتل والاختطاف والانفلات الأمني، وهي أمور باتت تكلفتها بجانب الوضع الاقتصادي المتدني تؤرق حياة الناس في عدن والعديد من المحافظات اليمنية الخاضعة لسيطرة أدوات التحالف جنوب اليمن.