متابعات..وكالة الصحافة اليمنية..
يعود سباق التسلح بين روسيا وبين اميركا وكتلتها الى أشد مما كان عليه في العهد السوفياتي. وترتعد فرائص الاوساط العسكرية الاميركية والناتوية عامة امام الاسلحة الروسية الجديدة وغير مكشوفة الاسرار. وقد اتضح ذلك تماما في المواجهة الدولية الدائرة منذ سنة 2011 في سوريا. ونلخص فيما يلي اهم مجرياتها:
ـ1ـ تكاتفت اميركا ودول الناتو وتركيا والسعودية واسرائيل لتأليف “الجيش الارهابي ـ التكفيري العالمي” الذي بلغ تعداده مئات الآلاف من المقاتلين وتسليحهم بأفضل الاسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة بما في ذلك الصواريخ من مختلف الانواع والاحجام والابعاد ودعمهم بالطيران. وشن هذا الجيش هجومه الكاسح في سوريا والعراق انطلاقا من الاراضي التركية وسيطر على مساحات شاسعة في البلدين ووضع يده على آبار النفط واخذ في استخراج النفط بكثافة وتسويقه بالاشتراك مع السلطة الاردوغانية ـ العثمانية الجديدة في تركيا، واعلن قيام ما سمي “داعش” (الدولة الاسلامية في العراق والشام) و”الخلافة الاسلاموية” الكاذبة الجديدة. واخذت آلة البروباغندا الاميركية وجوقتها العالمية والعربية تبشر بقرب سقوط النظام السوري بين اسبوع وآخر، تحت شعارات محاربة الدكتاتورية واشاعة الدمقراطية، على طريقة “حق يراد به باطل”.
ـ2ـ وفي 30 ايلول 2015، وبطلب من السلطة الشرعية السورية، بدأ التدخل العسكري الجوي الروسي ضد جحافل العدوان الخارجي على سوريا. وجاءت القلاع الطائرة القاذفة الستراتيجية من داخل الاراضي الروسية، كما طارت الصواريخ المجنحة الروسية من بحر قزوين والبحر الاسود ومن الغواصات في البحر الابيض المتوسط، وصبت حممها على الاهداف المرسومة لها في الاراضي السورية. بالاضافة الى تدخل الطائرات المقاتلة الروسية من قاعدة حميميم في سوريا. وفي غضون ايام او اسابيع قليلة قصم الطيران الروسي ظهر “الجيش الارهابي ـ التكفيري العالمي” وحوله الى شراذم ممزقة ومبعثرة “جاهزة” للتصفية والتطهير على الارض. وطارت هباء منثورا كل الجهود ومئات مليارات الدولارات التي انفقتها الكتلة الاميركية ـ السعودية ـ الاسرائيلية على ذلك الجيش.
ووقفت القوات الاميركية وحلفاؤها يتفرجون على المشهد، بل ويتسابقون على التبرؤ الكاذب من الارهابيين والتكفيريين.
فلماذا وقفت اميركا وحلفاؤها “على الحياد”، وتركو صنائعهم الارهابيين ـ التكفيريين يواجهون مصيرهم الاسود؟
الجواب: لانها ـ اي اميركا ـ صعقت امام نوعية الاسلحة الجديدة والقديمة المطورة التي استخدمتها روسيا، ووجدت انه لا قدرة لها على مواجهتها. وان هذه الاسلحة يمكن بكبسة زر ان “تغيّر اتجاهها” وان تحمل بدلا عن الرؤوس المتفجرة الكلاسيكية رؤوسا متفجرة غير كلاسيكية، ولا قدرة للانظمة المضادة الاميركية على مواجهتها!
والسؤال التاريخي الذي ينبغي الاجابة عليه هو:
ـ ان القدرات الاقتصادية ـ المالية لاميركا، وبالتالي قاعدتها او بنيتها التحتية: العلمية ـ البحثية ـ المختبراتية ـ التجريبية، هي اكبر وأوسع وأغنى بكثير مما لدى روسيا. فلماذا اذن يتفوق العقل العلمي ـ العسكري الروسي على العقل العلمي ـ العسكري الاميركي؟!
انه لمن العبث البحث عن الجواب في العنصر والعنصرية، اي في خصائص التلافيف الدماغية والجينات الروسية والاميركية.
واذا ابتعدنا قليلا عن ساحة سباق التسلح الاميركي ـ الروسي، فإننا نجد الجواب على سؤالنا لدى المقاومة الشعبية البطلة، الفلسطينية
ـ فإسرائيل التي تملك كل ترسانة الاسلحة الاميركية تولول عاجزة امام الصواريخ البدائية للمقاومة الفلسطينية وامام الطائرات الورقية الفلسطينية الحارقة. وتنهار كل المنظومة الاخلاقية لاسرائيل، الدينية ـ التوراتية ـ الاجتماعية ـ السياسة، تحت اقدام الام الفلسطينية التي تحمل طفلها الرضيع القتيل بيد والعلم الفلسطيني باليد الاخرى وتبصق في وجه جميع يهود العالم اليهوديين، من موسى التوراتي حتى نتانياهو، مرورا طبعا بـ تيودور هرتزل الذي قال بوجود “الامة اليهودية” و يعقوب الابراهامي الذي يقول بأن الماركسية وجدت لخدمة الرأسمالية ويقول بوجود “الصهيونية التقدمية”، ولسان حال تلك الام الفلسطينية يقول للقناص الاسرائيلي الذي قتل رضيعها: ان احفادنا واحفاد احفادنا سينتقمون من احفادكم واحفاد احفادكم ومصيركم الى نار جهنم وبئس المصير.
ان العلماء والخبراء العسكريين الاميركيين هم جزء لا يتجزأ من المنظومة الاخلاقية ـ الفكرية للنظام الامبريالي الرأسمالي الاحتكاري اليهودي العالمي. وطاقتهم الابداعية محدودة بسقف مصالح هذا النظام، الذي لا يهمه سوى تكديس الارباح وليس الدفاع عن وجود اي شعب او بلاد بما في ذلك شعبه وبلاده.
اما العلماء والخبراء العسكريون في روسيا السوفياتية (سابقا) وروسيا القومية ـ الاورثوذكسية (حاليا) فقد كانوا ولا يزالون ينطلقون من المنظومة الاخلاقية ـ الفكرية للمقاومة الشعبية الاممية ضد الامبريالية والطغمة الرأسمالية الاحتكارية اليهودية العالمية. ولذلك فإن سقف ابداعهم هو اعلى وارحب بما لا يقاس من السقف الاميركي.
وفي هذا الصدد نذكر على سبيل المثال انه بعد ان وضع الاميركيون في الخدمة صواريخ كروز الذكية التي تطير على ارتفاع منخفض لتجنب الرادارات، صدموا بظهور منظومة صواريخ S-300 الروسية القادرة على التعامل مع 100 هدف والاشتباك مع 12 هدفا في وقت واحد وعلى ارتفاع 25 مترا فما فوق، في مدى 90 كلم.
وقبل ان يستفيق الاميركيون من هذه الصدمة، ظهرت منظومة صواريخ S-400 ومداها 402 كلم حتى ارتفاع 30 كلم، ونظام الرادار التابع لها يتعامل مع 300 هدف طائر وصاروخي ويشتبك مع 10 اهداف في وقت واحد، وهو قادر على توجيه ليس فقط صواريخ S-400 بل وصواريخ روسية اخرى كصاروخ “بوك” وغيره. وقد بدأت روسيا تسوّق هذه المنظومة. وهناك اتفاقات لتزويد 10 بلدان بوحدات من هذه المنظومة، منها الصين والهند وتركيا. ولن تطـّلع روسيا كل “الزبائن” على كل الاسرار التكنولوجية لمنظومة S-400.
وفي حين تأخذ منظومة S-400 طريقها الى سوق السلاح العالمية، تعمل روسيا على تطوير منظومة S-500، التي يصل مدى ارتفاعها الى اكثر من 30 كلم فوق سطح البحر، اي انها تدخل في مدار الفضاء الارضي وتتحول الى صاروخ مداري اشبه بقمر اصطناعي يدور حول الارض، ويمكن برمش العين ان ينقض على اي هدف فضائي او جوي او ارضي، متحرك او ثابت.
وهذا غيض من فيض من الاسلحة الجديدة والمطورة الروسية التي تصيب الرؤوس الاميركية الحامية بصداع لا شفاء لها منه.