تقرير// وكالة الصحافة اليمينة //
أعلن الكرملين والبيت الأبيض أن لقاء قمة بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأمريكي دونالد ترامب سيعقد في الـ16 من يوليو المقبل في العاصمة الفنلندية هلسنكي.
وذكرت الرئاسة الروسية في بيان أصدرته أن الزعيمين سيبحثان خلال الاجتماع واقع العلاقات بين موسكو وواشنطن وآفاق تطويرها، علاوة على مسائل ملحة مطروحة على الأجندة الدولية.
في عام 2017، التقى بوتين وترامب لأول مرة في هامبورغ على هامش اجتماع مجموعة العشرين، وبعد ذلك ببضعة أشهر تم التواصل بينهما لفترة وجيزة على هامش “قمة أبيك” التي عقدت في فيتنام.
و في 28 يونيو/ حزيران عام 2018 تم الاعلان رسميا عن القمة الرسمية بين الرئيس الامريكي دونالد ترامب و الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
كما أكدت الإدارة الأمريكية أن اللقاء الذي سيجمع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع نظيره الأمريكي دونالد ترامب في هلسنكي سيتناول مجموعة واسعة من المواضيع الهامة.
وصرح ممثل عن الإدارة الأمريكية للصحفيين أمس الخميس بأن قمة بوتين – ترامب المرتقبة تهدف في المقام الأول إلى “بناء حوار حول الحالة الحقيقية للعلاقات الروسية الأمريكية”.
وقال المسؤول الأمريكي: “نؤكد ضرورة تقييم واقعي لجذور المشاكل في علاقتنا.. وبحث توقعاتنا”، مضيفا أن مواضيع تتعلق بالتدخل الروسي المزعوم في الانتخابات الرئاسية الأمريكية السابقة وما أسماه “أفعال روسيا الضارة” والاستقرار العالمي ستكون على طاولة البحث.
وأشار إلى أن لقاء بوتين وترامب يمكن أن يغير طابع العلاقات الثنائية، متوقعا أن حجم التغيرات في حال نجح الاجتماع قد يفوق مخرجات القمة التي جمعت الرئيس الأمريكي مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون الشهر الماضي.
ولم يستبعد المسؤول الأمريكي احتمال توقيع “اتفاقيات محددة قد يتم الإعلان عنها لاحقا”، خلال القمة.
مخاوف أمريكية وغربية من قمة هلسنكي
صحيفة “إندبندنت” اعتبرت أن أي اتفاق بين الرئيسين الروسي والأمريكي بوتين وترامب يخيف الكثيرين في الغرب، ويفقدهم وضعا سياسيا مريحا قائما على تصويرهم موسكو “كعدو أبدي” للغرب.
وكتبت المحللة السياسية، ماري ديجيفسكي، في إندبندنت تقول: “لذلك ليس من المستغرب أن يعيق الكثيرون في الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية لقاء الزعيمين”.
وأوضحت أنها كانت تعتقد بأن الخطط المبكرة لتنظيم قمة بين رئيسي البلدين كانت ستلقى التفاهم والدعم، لكن تبين لها للمرة الثانية خلال عام (بعد اجتماع ترامب مع زعيم كوريا الديمقراطية كيم جونغ أون)، أن رد فعل معظم الدول الغربية هو عكس ذلك تماما.
وتساءلت المحللة السياسية المعروفة: “منذ متى كانت المواجهة العسكرية (سوريا)، والنزاعات الإقليمية التي لا تجد حلولا (أوكرانيا) والمشاحنات (المزاعم غير المثبتة بتلقي ترامب مساعدات روسية) أفضل من اللقاء الشخصي بين الرئيسين الذي يمكن أن يخفف التوتر بين الشرق والغرب؟ فلا أحد يحتاج إلى أن تكون القمة المرتقبة دراما أو خيانة للعالم الغربي، ولكن مجرد بداية لعملية يمكن أن تعزز الأمن الدولي وتنقذ الأرواح”.
وأردفت محللة الصحيفة البريطانية تقول: “في أوروبا، يعتقد الكثيرون أن حديث بوتين وترامب عن “السلام” يمكن أن يدمر الصورة المفيدة التي يروجونها عن روسيا كعدو دائم. وبالنظر إلى حقيقة أن بطولة العالم لكرة القدم (في روسيا) قد بددت التحذيرات الغربية “الهائلة” بشأن أمان الرحلات والسفر إلى روسيا، فقد اتضح أنه إذا استطاع قادة الدولتين بالإضافة إلى ذلك طرد “شبح حرب باردة جديدة”، فإن الوضع سيتخذ منعطفاً سيئاً للغاية بالنسبة لهؤلاء”، حسبما تعتقد ديجيفسكي.
وحسب رأيها، فإن “هناك موضوعات كافية للحديث بين الزعيمين. وبالإضافة إلى ذلك، هناك خطوط عريضة غامضة حول إمكانية التوصل إلى اتفاق في المستقبل يجعل العالم أكثر أمنا. فمع روسيا، كما مع كوريا الشمالية، يراهن ترامب على قدرة العلاقات الشخصية، على إحداث تغيير في الأجواء العامة يمكن أن يقود إلى أكثر من ذلك بكثير. فالقمة مع كيم قد أثبتت بالفعل أن هناك فرصة لتخفيف حدة التوتر في المنطقة وتسريع التنمية الاقتصادية في كوريا الديمقراطية (الشمالية). ويمكن رؤية لمحات من شيء مشابه، ولكن فقط بمقاييس كبيرة، إذا ما قرر دونالد ترامب وفلاديمير بوتين التوافق”.
“بويان في الأدغال”، عنوان مقال “كوريير” للصناعات العسكرية، يعرض رأي ياكوف كيدمي الذي يقول “إن الأمريكيين بدأوا يفهمون أن وضعهم أسوأ بكثير”، في الصراع مع روسيا.
وجاء في المقال، نقلا عن المسؤول الاستخباراتي الإسرائيلي السابق ياكوف كيدمي أن الولايات المتحدة لا تملك الحماية من الأسلحة الدقيقة. والاستجابات الروسية غير المتناظرة للتهديدات تضع الولايات المتحدة في طريق مسدود.
الرئيس الأمريكي ترامب، أعرب عن رغبته القوية في التحدث على انفراد مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قبل بداية الاجتماع المقرر في هلسنكي يوم 16 الجاري، وفقا لما ذكرته قناة “سي إن إن” التلفزيونية، نقلا عن مصادر في البيت الأبيض.
ووفقا للقناة، يرغب ترامب، في التحدث مع بوتين على انفراد قبل أن ينضم إليهما أعضاء الوفدين الآخرين كما حصل في قمة بيونغ يانغ مع الرئيس الكوري كيم جونغ أون .
سفير روسيا في واشنطن، أناتولي أنطونوف ردا على سؤال، عمّا إذا كان يمكن توقع أن يلتقي بوتين وترامب وجها لوجه (على انفراد بدون أعضاء الوفدين)، قال أن “هذا اللقاء الثنائي وارد وممكن، كما أعتقد، وهو يمكن أن يساعد على خلق ما يسمى بـ الكيمياء بينهما”.
وأضاف الدبلوماسي “ربما يمزحون، لا أعرف… وآمل أن تساعدهم هذه الكيمياء على حل مهامهم وإزالة المسائل العالقة بين روسيا والولايات المتحدة”.
وأضاف أنطونوف، “هذه فرصة للجلوس معا، والنظر لبعضهم البعض وبدء الحديث”، مشيرا إلى أنه “من المستحيل التغلب على جميع العراقيل في اجتماع واحد. لكن يمكن توضيح مسار التقدم نحو هذا الهدف. وتحسين العلاقات الثنائية وبدء التفاهم في الشؤون العالمية”.
و أما المتحدثة باسم البيت الأبيض سارة ساندرز تهربت، من الإجابة على سؤال عما إذا كان من الممكن مناقشة الاعتراف بانضمام القرم إلى روسيا، أثناء قمة الرئيسين دونالد ترامب وفلاديمير بوتين.
وحول تقييم الكرملين لانتقاد ترامب حلف شمال الأطلسي (الناتو) وشركاءه الأوروبيين، قال الناطق الرئاسي الروسي: “هذه مسألة مطروحة للنقاش في حلف الناتو. موقفنا هو أن هذا الحلف هو نتاج عهد المواجهة، لأن إنشاءه جرى في زمن الحرب الباردة ولهذه الأغراض أصلا، وهو لا يزال محصورا في مثل هذه المهام، وهذا هو جوهر وجود هذه المنظمة. وموقفنا لم يتغير من اقتراب البنية التحتية العسكرية لهذا الحلف من حدودنا”.
وينوي رئيسا روسيا وأمريكا في قمتهما المقررة يوم 16 يوليو الجاري في العاصمة الفنلندية هلسنكي، بحث آفاق إعادة العلاقات المتدهورة بين البلدين إلى طبيعتها، وأيضا مناقشة الموضوعات الراهنة المطروحة على الأجندة الدولية.
وكان الرئيسان، بوتين وترامب، قد التقيا مرتين في اجتماعات غير رسمية، الأولى في قمة مجموعة العشرين بمدينة هامبورغ في يوليو من العام الماضي، والثانية في مدينة دانانغ الفيتنامية على هامش اجتماعات منظمة آسيا-المحيط الهادئ، في نوفمبر من العام الماضي أيضا.
العلاقات الروسية _ الأمريكية تاريخ الصراع
بدأ التجار الروس منذ اواسط القرن السابع عشر مزاولة النشاط التجار بإهتمام في أراضي أمريكا الشمالية وفي جزر المحيط الهادئ وشبه جزيرة الاسكا وفي أراضي ولايات كاليفورنيا واوريغون وواشنطن الحالية، واسسوا مراكزا سكنية ومدنا خاصة بهم اطلقت عليها تسمية ” أمريكا الروسية”.
وفي عام 1799 شيد الكسندر بارانوف رئيس الجاليات الروسية في أمريكا حصنا على جزيرة ارخبيل الكسندر وبنى إلى جانبه مدينة نوفوار خانغلسك (مدينة سيتكا حاليا) التي أصبحت في عام 1808 عاصمة المستوطنات الروسية في القارة الأمريكية.
جرى أول اتصال روسي – أمريكي على ارفع مستوى حين التقى القيصر بطرس الأكبر مع وليام بين مؤسس المستوطنة البريطانية في بنسلفانيا في أمريكا في عام 1698 والذي يعتبر في الواقع أحد مؤسسي الدولة التي أصبحت فيما بعد الولايات المتحدة الأمريكية، وناقش الارستقراطي البريطاني مع القيصر الروسي فكرة نظام الدولة العادل.
وفي الواقع ساعدت روسيا على أن تكسب الولايات المتحدة الاستقلال حين رفضت تقديم المعونة العسكرية إلى بريطانيا من اجل إخماد الانتفاضة التي اندلعت في عام 1775 في 13 مستعمرة بريطانية في أمريكا واعلنت روسيا حيادها لاحقا.
وجرى تبادل السفراء بين الدولتين في عام 1809. وكان الشاغل الرئيسي للسفراء هو معالجة القضايا المتعلقة بـ”الاسكا” والممتلكات الروسية الأخرى في أمريكا والتي تم بيعها في عام 1867 إلى الولايات المتحدة.، وفي الفترة من 1842 إلى 1851 كان المهندسون الأمريكيون المستشارين الرئيسيين لمد طريق السكك الحديدية بين موسكو وبطرسبورغ.
وأثناء الحرب العالمية الاولى التي بدأت في عام 1914 دعمت الولايات المتحدة بلدان انتانتا – تكتل البلدان الذي ضم روسيا أيضا. وبعد قيام ثورة عام 1917 في روسيا رفضت الدولة الأمريكية الشمالية الاعتراف بحكومة البلاشفة التي استولت على السلطة وقدمت الدعم إلى الجيش الأبيض الذي حارب السلطة الجديدة بتزويده بالمال والمواد الغذائية. وفي اعوام 1918–1920 شاركت القوات الأمريكية سوية مع قوات بريطانيا وفرنسا واليابان في التدخل العسكري في شرق وشمال روسيا.
كانت الولايات المتحدة في مطلع الثلاثينيات من القرن العشرين الدولة الكبرى الوحيدة التي لم تعترف بالاتحاد السوفياتي حيث كانت تطلب كشرط مسبق لذلك تسديد جميع الديون وتعويض ارباب الأعمال الأمريكيين عن الاضرار التي لحقتهم نتيجة مصادرة ممتلكاتهم بعد ثورة عام 1917 في روسيا. ومع ذلك فإن الاهتمام المتبادل في تنسيق افعال البلدين بسبب توسع العدوان الياباني في الشرق الأقصى قد أدى إلى إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة في عام 1933.
لكن التعاون الاقتصادي السوفياتي – الأمريكي بدأ تطوره منذ عام 1920 بالرغم من عدم وجود علاقات دبلوماسية بين البلدين.