تحليل/ميخائيل عوض/ومالة الصحافة اليمنية//
بعد فشل جيشه البري وانكسار قوته وتبدد الويه النخبة وشطب ٤ من ٥ فرق مدرعة تعتبر درة السلاح وقوة الجيش الإسرائيلي في شوارع وأزقة غزة، وسقوط آلاف القتلى والجرحى من الجنود والضباط وعجزه عن تحقيق أي مكسب أو أي هدف لحربه المجنونة والانتحارية في غزة، يلوذ نتنياهو بالحرب السرية بما هي حرب منخفضة الوتيرة وتقوم على الاغتيالات الفردية وأعمال التفخيخ والتفجير بقصد الإرباك والتأثير على المعنويات لدى المقاومة، ورفع معنويات جيشه وشعبه وقادته المنهارة
المقاومة تحسبت لهذا النوع من الأعمال وتجيد القتال في هذا الفرع للحرب ويدها طويلة وقادرة كما كشفت عنها المواجهات السابقة وجولاتها.
عملت المقاومة خلال الفترة الماضية على تطوير أدواتها ورفع منسوب قوتها ونوعت سلاحها وكشفت عن الأصناف الجديدة والمديات المختلفة والقوة التدميرية لأجيال سلاحها، وكما هي تبادر وتطور وتفاجئ فقد اختارت بذكاء حاد أن ترد على اغتيال القادة بتدمير مقرات السيطرة والتحكم والقيادة. فضربت قاعدة ميرون الأولى والاهم لقيادة الحرب الجو فضائية والحرب الإلكترونية والتجسس والتشويش، وأوقعت فيها خسائر ودمرت معدات ليس من السهل تعويضها. ثم طورت الرد ومدى السلاح وضربت قاعدة القيادة والسيطرة البرية في صفد وحققت خسائر وإصابات دقيقة.
الفارق بين استهداف القادة واستهداف مقرات السيطرة والقيادة هائل يدلل على أن من بيده المبادرة ومن يخوضها كحرب ويعزز سيطرته فيها. ويؤشر الى الفارق الجوهري بين قدرات وإمكانات المقاومة وما بات عليه العدو الإسرائيلي.
فنتنياهو يخفض مستوى الحرب بالعودة للحرب السرية منخفضة الشدة بينما المقاومة ترد وترفع من وتيرة الحرب الصدامية وتؤهل الجيش الإسرائيلي لضربات اكبر واخطر.
استهداف القادة اعتادت عليه المقاومات وأمنت سلاسل قيادة وسيطرة للتعويض عنهم ونجحت بل أبدعت، فالقادة الجدد لا يقلون خبرة وأهمية ووعي ومعرفة وقدرات عن الذين استشهدوا والوقائع تشهد على قدرة تشكيلات المقاومة على تعويض القادة فقد اغتالت إسرائيل أمين عام حزب الله السابق الشهيد عباس الموسوي فخلفه السيد حسن نصرالله واغتالت قائد الانتصارين عماد مغنية فجاء من يسد النقص ويزيد وتزداد قوة المقاومة ورجالها واغتالت الشيخ احمد ياسين والرنتيسي وصيام والعياش، وآخرين في حماس وكتائب القسام وها هي الكتائب تحقق إنجازات وتنفذ عمليات عجائبية وإعجازية وهكذا تجري الأمور.
أما على الجاني الإسرائيلي فإطفاء عيون وصم أذان الجيش الإسرائيلي في الشمال لم يستطع التعويض عنه، وتدمير مقرات القيادة والسيطرة ترعبه وتفقده القدرة على التحكم والإدارة وتعطي المقاومة ميزات جمه.
والحبل على الجرار اما استهداف مقرات القيادة وفتح سقوف الرد على اغتيال القادة يجري بطريقة منظمة وبهندسة تدمير عناصر قوة ومفاتيح الجيش الإسرائيلي تمهيدا لإلحاق هزيمة تامه به وشل قدراته في سياق الحرب الجارية بصفتها حرب تحرير فلسطين كلها عبر مسار حرب الاستنزاف، واستهداف مقرات وقواعد الإدارة والقيادة فعل هجومي يجاوز الرد ويؤهل مسرح العمليات والحرب لتصبح مهمة الرضوان وشقيقاتها ايسر عندما يؤخذ قرار العبور الى فلسطين وقد لا يكون الموعد بعيدا.
كاتب ومجلل سياسي لبناني