متابعات/ وكالة الصحافة اليمنية //
ذكرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” في تقريرها الصادر اليوم الأربعاء، إنها «تحققت من استخدام القوات الإسرائيلية ذخائر الفسفور الأبيض في 17 بلدة على الأقل في جنوب لبنان منذ أكتوبر 2023، منها 5 استُخدمت فيها الذخائر المتفجرة جواً بشكل غير قانوني فوق مناطق سكنية مأهولة».
وقالت المنظمة إن استخدام الفسفور الأبيض من قِبل إسرائيل على نطاق واسع في جنوب لبنان يعرض المدنيين لخطر جسيم، ويسهم في تهجيرهم».
وتُظهر صور لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، التُقطت في 10 مناسبات منفصلة على الأقل بين أكتوبر وأبريل (نيسان)، أعمدة دخان غريبة ومتفرّعة، تُشبه الأخطبوط، يتماشى مظهرها مع ما قد يصدر عن استخدام الفوسفور الأبيض.
والتقطت تلك الصور فيما لا يقل عن 8 مواقع مختلفة على طول الحدود، وفي كثير من المرات، في مواقع قريبة من المنازل أحياناً.
وفي أكتوبر، قال الجيش الإسرائيلي، في بيان، إن إجراءاته تُملي بعدم استخدام قذائف الفوسفور الأبيض «في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية، مع وجود استثناءات معينة». وأضاف أن «هذا يتوافق مع متطلبات القانون الدولي، ويتجاوزها»، وأن الجيش «لا يستخدم هذه القذائف لأغراض الاستهداف أو إشعال النار».
«اختناق»
من جانبها، ذكرت «الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام الرسمية» في 28 يناير (كانون الثاني) أن «قذائف فوسفورية سقطت بين المنازل» في ساحة بلدة حولا، بعد استهداف من «مدفعية العدو».
وتحدّثت «الوكالة الوطنية» مرات عدة عن قصف بذخائر الفوسفور في جنوب لبنان، بما في ذلك خلال الأيام الأخيرة، ما تسبب ببعض الأحيان في اندلاع حرائق.
وقال حمود إنه نُقل وزوجته إلى مستشفى في بلدة ميس الجبل القريبة، عقب الهجوم في 28 يناير، إذ تلقيا العلاج وأعطيا الأكسجين.
وأفاد مصدر من مستشفى ميس الجبل لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» بأن مؤسسته استقبلت يوم 28 يناير 4 مدنيين، بينهم امرأتان، نقلوا إلى العناية الفائقة نتيجة تعرضهم «للاختناق وضيق تنفس شديد من الفوسفور الأبيض». ومن بين المصابين رجل في السبعينات من عمره وامرأة في الستينات.
ومن جهتها، سجّلت وزارة الصحة اللبنانية في جداولها 173 شخصاً، بوصفهم مصابين بتعرض «كيميائي… ناتج عن الفوسفور الأبيض»، دون أن تحدّد ما إن كانوا مدنيين أو مقاتلين.
وقال أطباء من 3 مستشفيات إضافية في جنوب لبنان لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن مؤسساتهم عالجت مصابين بأعراض تنفسية ناجمة عن التعرض للفوسفور الأبيض.
وأكّد محقق الأسلحة في فريق الأزمات التابع لـ«منظمة العفو الدولية»، براين كاستنر، أن «استخدام الفوسفور الأبيض في المناطق المأهولة يمكن أن يُصنّف باعتباره هجمات عشوائية، وهو ما يُعد انتهاكاً للقانون الإنساني الدولي». وأضاف «إذا أصيب أو قُتل مدنيون، فقد يُشكّل ذلك جريمة حرب».
ورصد عناصر من قوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان (يونيفيل) أيضًا الفوسفور الأبيض داخل مقراتهم، وفق ما قاله مسؤول في الأمم المتحدة لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طالباً عدم الكشف عن هويته، لأنه غير مخوّل بالتحدث إلى وسائل الإعلام.
مخاوف بيئية وزراعية
وكانت «منظمة العفو الدولية» قد قالت في وقت سابق عام 2023، إن «الجيش الإسرائيلي أطلق قذائف مدفعية تحتوي على الفوسفور الأبيض»، خلال قصف «على طول حدود لبنان الجنوبية» بين 10 و16 أكتوبر.
وطالبت المنظمة «بالتحقيق في هجوم على بلدة الضهيرة في 16 أكتوبر، بوصفه جريمة حرب، لأنه لم يُميّز بين المدنيين والعسكريين، وأدى إلى إصابة ما لا يقل عن 9 مدنيين».
وأعرب البيت الأبيض في ديسمبر (كانون الأول) عن قلقه إزاء تقارير تفيد باستخدام إسرائيل الفوسفور الأبيض، زوّدتها به الولايات المتحدة، بهجمات في لبنان.
وفي أكتوبر، قدَّم لبنان شكوى بحقّ إسرائيل أمام مجلس الأمن الدولي، على خلفية استخدامها الفوسفور الأبيض «خلال عملياتها العسكرية داخل الحدود اللبنانية»، بما «يعرض للخطر حياة عدد كبير من المدنيين الأبرياء، ويؤدي إلى تدهور بيئي واسع النطاق، خصوصاً مع الممارسات الإسرائيلية القائمة على حرق الأحراج والغابات اللبنانية».
وأثار استخدام الفوسفور الأبيض القلق بين المزارعين في جنوب لبنان، الذين شاهدوا أراضيهم تحترق، بينما يخشى آخرون تلوثاً في التربة والمحاصيل.
وتلفت الأمينة العامة للمجلس الوطني للبحوث العلمية في لبنان، تمارا الزين، إلى أن هناك قليلاً من المعلومات حول كيفية تأثير الفوسفور الأبيض على التربة.
ويعتزم المجلس أخذ عينات واسعة لتقييم أي تلوّث محتمل للتربة، لكن -وفق تمارا الزين- فهم «بانتظار وقف إطلاق النار لإرسال الفريق، ليقوم بهذا التقييم».
وقال المدير المعاون لمركز حماية الطبيعة في الجامعة الأميركية في بيروت، أنطوان كلاب، في بيروت إن «النقص في البيانات» يتسبب في حالة ذعر، وأن بعض المزارعين كانوا «يهرعون لإجراء فحص للعينات».
وأضاف أنه «من المهم أن نأخذ العينات في أسرع وقت ممكن»، لفهم ما إذا كان قصف الفوسفور الأبيض يُشكل «خطراً عاماً على الصحة العامة، والأمن الغذائي، والنظام البيئي نفسه».
في مطلع العام الحالي، كان السبعيني محمد حمود، داخل منزله مع زوجته في قريته الحدودية بجنوب لبنان، عندما أغارت إسرائيل على مكان قريب، لكن هذا القصف كان مختلفاً عمّا اعتاد عليه الرجل خلال الأشهر الماضية.