صنعاء خط أحمر؛ “أبو ظبي” تتلقى الرسالة …ماذا بعد؟!
تداولت وسائل الإعلام العربي والغربي صباح يوم “3/12/2017” خبرا مفاده أن “أنصار الله” قاموا بقصف مفاعل نووي في أبوظبي بصاروخ كروز مجنح، وقالت قناة “المسيرة” التابعة لـ “أنصار الله” أن الصاروخ أصاب هدفه بدقة، في مقابل ذلك كذبت وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية “وام” هذه الأنباء، مضيفة أن “مشروع مفاعل براكة محصن ومنيع تجاه كل الاحتمالات”.
لماذا الإمارات؟!
التطورات الأخيرة في اليمن فتحت الباب على مصراعيه أمام مجموعة من الأسئلة عن الاشتباكات الأخيرة في صنعاء، وعن دور الإمارات في إشعال فتيل هذه الاشتباكات وغايتها من ذلك، ورسالة “أنصار الله” من الصاروخ اليوم ؟!.
من يعيد قراءة المشهد اليمني منذ تدخل التحالف العربي في اليمن عسكريا يجد أن الإمارات هي اللاعب الأكثر إثارة للمشاكل والفتن داخل اليمن، وفيما يلي نستعرض ما تفعله الإمارات في اليمن وأهدافها من ذلك:
أولاً: مع بداية التدخل العسكري في اليمن أرسلت الإمارات سراً مئات المرتزقة الكولومبيين إلى اليمن للمشاركة في الحرب ضد الشعب اليمني، وبحسب صحيفة “نيويورك تايمز” فإن مايقارب الـ 1800 من الجنود الأمريكيين اللاتينيين الذين تم تجنيدهم ضمن برنامج أشرف عليه إريك برنس مؤسس شركة “بلاك ووتر” والذين تلقوا تدريباتهم في صحراء الجزيرة العربية، يتواجدون على الأراضي اليمنية ويقومون بعمليات عسكرية تخربية وأخرى أمنية هناك تخدم مصالح الإمارات، وتسعى الإمارات من خلال هذه القوات التي تشرف على تدريبها، إلى إحكام السيطرة على مدن الجنوب اليمني التي تحتوي على الثروات الطبيعية مثل النفط والغاز والمعادن والثروة السمكية، بالإضافة إلى أن عدن تعد إحدى أهم المدن اليمنية الساحلية التي تحوي موانئ مهمة بالنسبة للإمارات، التي تسعى أيضا إلى بسط نفوذها على مضيق باب المندب الإستراتيجي.
ثانياً: تدعم الإمارات بشكل واضح وصريح مليشيات طارق عفاش، وتزودها بالمال والسلاح لزعزعة الأمن في العاصمة وخلق الفوضى هناك، فضلا عن محاولاتها الحثيثة لجذب الرئيس السابق علي عبد الله صالح إلى حضنها من جديد واستطاعت أبو ظبي أن تنجح بذلك بشكل مبدئي، استقرأ “أنصار الله” الرسالة وعلموا جيدا الغاية من ذلك، لذلك سارعوا إلى إرسال رسالة اليوم إلى عاصمة الإمارتيين ليخبروهم بأن عاصمة اليمن خط أحمر.
وفي يوم أمس الأول أطلق عضو المجلس السياسي لأنصار الله، حمزة الحوثي، مجموعة من التصريحات التي أوضح فيها دور الإمارات التخريبي في اليمن وكيف أنها تدعم ميليشات “طارق”، كاشفا في مقابلة مع قناة المسيرة الفضائية أنها زودت مليشيات “طارق” بأكثر من شحنة أسلحة، تم تهريبها ونقلها من داخل المحافظات الجنوبية عبر الضالع وإب، وإدخالها إلى العاصمة صنعاء.
وتحدث الحوثي عن اجتماعات سرية حدثت خلال الفترة الماضية جمعت قيادات محسوبة على حزب المؤتمر الشعبي العام، مع قيادات عسكرية موالية للإمارات، تتواجد في محافظة الضالع.
ثالثاً: هناك اثباتات كثيرة توضح كيف أن الإمارات تعمل على عرقلة جهود السلام في اليمن، ومؤخرا ذكرت صحيفة “واشنطن بوست” هذا الأمر، مؤكدة من خلال رسائل مسربة رفض أطراف يمنية اتفاق وقف إطلاق النار الذي تبنته واشنطن في وقت سابق وسعت إليه بعض الدول، ولا يخفى على أحد القلق الذي تعيشه الولايات المتحدة الأمريكية هذه الفترة جراء تصاعد النفوذ الإماراتي في المنطقة الخليجية ومناطق إفريقية ساحلية، ومحاولاتها الحثيثة للسيطرة على حركة الملاحة العالمية وإبرامها صفقات لإدارة أهم الموانئ الدولية في العالم.
رابعاً: تعمل الإمارات في هذه المرحلة على فك التحالف الذي كان يجمع صالح وأنصار الله، من خلال الضغط على صالح عبر ورقة ابنه أحمد ” قائد قوات الحرس الجمهوري سابقاً ” الذي تحتجزه الإمارات لديها، وعلى مايبدو فإن السعودية والإمارات تريد طي صفحة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي من التحالف لإعادة صالح إلى المشهد عله ينقذ التحالف من مستنقع اليمن بعد أن فشل هادي والتحالف بالخروج منه.
خامساً: الدور الذي تقوم به الإمارات في اليمن مقلق جدا، فهي تسعى لتقسيمه بشتى الوسائل ودعمها لانفصال الجنوب خير دليل على ذلك، واليوم تتجه أنظار الامارات إلى العاصمة بعد أن أحكمت سيطرتها على ميناء عدن بعد أن فشلت مراراً في الحصول على امتياز إدارة الموانئ في عدن، لكنها استطاعت عام 2008، أن تبرم اتفاق مع الحكومة اليمنية (لتطوير الميناء)، واستلمت شركة (موانئ دبي العالمية) العمل في ساحل خليج عدن بنسبة تصل إلى 20%، وبعد إعلان بني سعود عن “عاصفة الحزم” في اليمن شاركت أبو ظبي بالعملية العسكرية بشكل فاعل وأنظارها تتجه نحو عدن والموانئ بصورة خاصة، لضمان بسط نفوذها فقادت هجوماً برمائياً في صيف 2015، وبعد النجاح الذي حققته عسكرياً على طول الشريط الساحلي، سعت بالضغط على الرئاسة اليمنية لتوقع عقداً مدته 99 عاماً يتم من خلاله تحويل جزيرة سقطرى اليمنية لقاعدة عسكرية إماراتية يتم من خلالها أيضاً إدارة الموانئ البحرية اليمنية للمدة نفسها، وهو ما رفضته مملكة بني سعود، ودفعت منصور هادي لرفضه.
* أنصار الله قالوا كلمتهم في صاروخ اليوم ونحن نعتقد بأن الإمارتييين فهموا الرسالة جيدا، وتصريحات حزب المؤتمر الشعبي العام، الذي يتزعمه الرئيس السابق علي عبد الله صالح، اليوم الأحد، جاءت متناغمة إلى حد كبير مع أنصار الله في مواجهة العدوان مرحبة بأي جهود توحد الصف الداخلي، مشددا على موقف حزبه المناهض للعدوان، والقادم من الأيام سيثبت مدى فعالية هذا الكلام ووقعه على الداخل اليمني.