المصدر الأول لاخبار اليمن

المساء المرعب.. هكذا ضحت الأم بجسدها لإنقاذ حياة طفلتها الوحيدة

رصدها/عبدالكريم مطهر مفضل/وكالة الصحافة اليمنية//

 

القصة المزلزلة والتي تجاهلها العالم الفاقد للضمير الإنساني وحتى الضمير المستتر هي قصة معاناة طفلة فلسطينية عاشت مع والدتها مراحل قاسية من التشرد والبحث عن مناطق آمنة للبقاء على قيد الحياة ولو لسويعات معدودة، في جحيم الدماء والأشلاء التي ترتكبها آلة القتل الصهيونية في قطاع غزة.

قصة دروب مأسوية لقصة رحلة صعبة وقاسية من الشتات نحو المجهول والنزوح للمرة التاسعة في محاولة محفوفة بالمخاطر للنجاة من الموت المحتم، الذي نجت منه “لجين” بفضل تضحية الأم بلحمها ودمها لإنقاذ حياة طفلتها الوحيدة ترويها الطفلة لجين (14 عاما) وهي فتاة من غزة لموقع “ذا نيشن” الأميركي.

منذ شهر أكتوبر الماضي ومع بداية طاحونة الموت الصهيونية بحق الأبرياء من سكان غزة بدأت لجين ووالدتها رحلة البحث عن مكان أكثر أمانا، مما يسمى زيفاً وكذبا بـ”المناطق” الآمنة التي أحرقت فيها قوات الاحتلال الأطفال أحياء داخل خيام ومدارس الإيواء التي تشرف عليها الأمم المتحدة، فكان منزل صغير في مخيم البريج جنوب قطاع غزة أفضل ما وجدوه، رغم تكرار القصف الصهيوني وبشكل شبه يومي على المخيم.

البحث عن الأمان في رحلة شتات بين الأشلاء والدمار 

تقول لجين: في بداية العدوان على قطاع غزة، تعرضنا للقصف واضطررنا للخروج كرهاً تحت وطأة النيران من منزلنا الجميل الذي دمرته قوات الاحتلال في مدينة غزة، ومنذ ذلك الحين، بدأنا برحلة الشتات إلى منازل مختلفة وملاجئ مؤقتة وحتى خيام في خان يونس ورفح ودير البلح والبريج.

بهذه المقدمة البسيطة تروي لجين ، للموقع الأميركي كيف نجت في هذه السن الصغير وهي في ربيع العمر من الموت لعدة مرات، وكيف عاشت مثلها مثل بقية أطفال القطاع المنكوب أبشع دروب حرب التصفية العرقية، وكيف نجت من الموت تحت جسد والدتها وقطرات الدم المتساقطة على جسد لجين.

لجين تسرد قصتهاللموقع الأمريكي:

الثالث من يونيو كان يوما مليئا بالقصف والدمار سمعنا الدبابات تقترب من جهة الشرق، كان مساء ذلك اليوم المشؤوم مرعبا بكل ما تعنيه الكلمة، وكانت طائرات الاحتلال لا تفارق سماء مخيم البريج، كما كانت الأرض ترتج تحت وطأة جنازير الدبابات.

 

ووفق التعليمات الوقائية التي تلقيناها من القائمين على المخيم قمنا بالابتعاد عن النوافذ والاحتماء بالجدران، وجعلتني والدتي آكل بعض الذرة المعلبة ولم تأكل هي أي شيء، عرفت أنها تحرم نفسها من الزاد لتدخر الطعام لي، حينها توسلت إليها أن تأكل معي ولو القليل من تلك الذرة المعلبة لكنها رفضت.

وتضيف لجين بحسرة وآلم كبير: “استلقينا على الأرض، جعلتني أمي بجانب الحائط، واستلقت على الجانب المكشوف، وأحاطت رأسي بالوسائد، غفوت قليلا لأستيقظ على وقع أزيز الرصاص المتناثر في الشارع والقنابل والشظايا التي تضرب الجدران والنوافذ، حمتني أمي بجسدها المنهك وابتسمت لي وقالت “نحن بخير لا تخافي”.

رعب ودماء

استمر الجحيم المرعب لعدة دقائق، ثم شعرت بشيء دافئ يتدفق ويتغلغل على يدي، وعلى الرغم من سواد الظلام البهيم الذي يصعب فيه الرؤية أدركت أنه دم أمي.

 

لقد اخترقت قطعة من الشظايا كتف أمي التي كانت تستخدمها لحماية رأسي، ولم تصدر أي صوت وتحملت أمي ذلك الوجع الكبير حتى لا تفزع الطمأنينة المفقودة في قلبي وكل مشاعري.

 

لم تدرك أمي الجريحة عندما تحملت ذلك الوجع حتى لا أفزع أنني أعيش أقصى درجات الخوف، الذي حرمني حتى من أن أسألها إن كانت لا تزال على قيد الحياة.

 

لقد أصابني الهلع بالشلل التام وفقدان النطق، “وتساءلت إن كان الموت قد أخذها، واصلت البحث بيدي عن نبض قلبها، أذهلني صوتها الخافت “هل أنت بخير؟” فأخبرتها أنها مصابة، فأجابت بهدوء: لا شيء.. لا تقلقي”.

بقينا على هذا الحال تحت جحيم النيران من حولنا يومين حتى بزغ فجر الخامس من يونيو ونحن على قيد الحياة. حاولت أمي علاج نفسها، وساعدتها في إزالة الشظايا الملعونة من كتفها التي ظلت تنزف. لم تتمكن أي سيارة إسعاف من الوصول إلينا في مثل هذه الظروف.

رائحة الموت في كل مكان

واختمت الطفلة لجين مأساتها بالقول: “لم أكن أعلم أنني أستطيع تحمل رؤية الكثير من الدماء، لكنني فعلت ذلك من أجل أمي. بدون جسدها كانت الشظايا ستضرب رأسي. بدلا من ذلك استقرت في كتف أمي التي لم تتعافَ بعد من الضرر الذي أحدثته”.

وأضافت: “إنه شعور غريب أن تعلم أن الموت يتربص بك في كل مكان. لم تكن لدي أي أخبار عن والدي الذي كان يحتمي في مكان آخر في غزة، ولا عن أصدقائي. كل واحد منا يواجه الموت الذي يحيط بنا. كنت أعلم أن علي أن أخبر عمي عن أمي، وهذا ما فعلته”.

المصدر: الصحافة الأميركية

قد يعجبك ايضا