الخليج..وكالة الصحافة اليمنية..
بعد تصريحات النفي والانكار التي لا يزال يرددها كبار الإعلاميين والكتاب والأمنيين الإماراتيين وعلى رأسهم نائب رئيس شرطة دبي الفريق ضاحي خلفان، اعترف الاقتصادي الإماراتي الكبير ناصر بن حسن الشيخ بوجود أزمة حقيقية تعصف باقتصاد دبي.
وقال “الشيخ” في تدوينة له عبر حسابه بموقع التدوين المصغر “تويتر” ردا على احد المغردين الذي توجه له بالسؤال حول حقيقة أن دبي مقبلة على أزمة اقتصادية:” إقتصادنا مفتوح وهو معتمد بشكل أساسي على المنطقة التي هي ليست في أفضل حالاتها، وكذلك هو إقتصاد #دبي.”
وأضاف قائلا:”أرانا قادمون على تحديات كبيرة تتطلب قرارات وخطوات حاسمة. لكن أتفاءل لأن نجاحنا لم يأتي على طبق من فضة، حلولنا في أيدينا”.
وتشكو إمارة دبي، أزمة اقتصادية حادة، غير مسبوقة في تاريخها، خلال الفترة الأخيرة، حيث بادرت العديد من المحلات ومراكز التسوّق والفنادق إلى إغلاق أبوابها، فيما شهدت معدلات التضخم انخفاضا للشهر الرابع على التوالي.
ويتوقع خبراء الإقتصاد أن يستمر التضخم في التراجع خلال الأشهر القادمة، وهو ما قد ينعكس سلبا على معدلات النمو وتنافسية الاقتصاد المحلي وقدرته على جذب مزيد من الاستثمارات، علاوة على الإقبال على الطلب وتراجع الأسعار.
هذا الانهيار الحاد في سوق دبي الإقتصادي، تجلى بوضوح في عدة عوامل أثرت سلبا على اقتصاد دبي.
انهيار ثروة الأثرياء
كشف تقرير “الثروة العالمية” الذي صدر مؤخراً عن مؤسسة «كابجيميني» الفرنسية، تراجع ثروة الأثرياء في الإمارات، الذين يملكون مالا يقل عن مليون دولار مخصصة للاستثمار بخلاف منازلهم الرئيسية ومقتنيات مثل المجموعات الفنية والسيارات، لنحو 190.2 مليار دولار خلال العام 2017، بتراجع بلغ نحو 5 مليارات دولار عن العام 2016.
كما تشمل الثروة أيضا المجوهرات والأحجار الكريمة والساعات، التي تستحوذ على الاهتمام الأكبر مقارنة بغيرها من مقتنيات الأثرياء في الإمارات، بينما شهدت سوق الذهب بدبي للمرة الأولى منذ 35 عاما، تدهورا كبيرا، حيث تراجع الإقبال على شراء واستئجار المتاجر المخصصة لبيع وشراء الذهب.
تدهور القطاع العقاري
كما شهد القطاع العقاري، في الربع الأول من 2018، انخفاضا، حيث تدهور حجم الاستثمارات في العقارات والمباني التجارية بنسبة كبيرة، فعقارات دبي التي كانت تباع بـ 626 دولار (2300 درهم ) للقدم المربع أصبحت تباع بأقل من 163 دولار ( 600 درهم) للقدم المربع.
وبذلك شهد سوق العقارات المباعة على الخرائط في دبي تراجعا بنسبة 46%، بينما تراجع سوق العقارات الجاهزة بنسبة 24%، ومن المتوقع أن استمرار الركود في الربع الثاني من العام.
وقد صحب هذا التراجع في الطلب،بموجة تخلص من العقارات من غالبية المستثمرين مما تسبب بهبوط حاد في قطاع العقارات المباعة في دبي، أحد أعمدة اقتصاد الإمارة.
انخفاض أسعار الإيجار
كما شهدت أسعار إيجار العقارات انخفاضاً ملحوظاً، بحسب تقرير لوكالة “ستاندرد آند بورز” العالمية للتصنيف، الذي كشف أن إيجارات المساكن انخفضت في دبي بنسبة 10 إلى 15 %، وسط توقعات بثبات النسبة خلال العامين الحاليّ والمقبل.
وبحسب تقرير بدائرة الأراضي والأملاك في دبي، بلغت قيمة الصفقات العقارية للنصف الأول من العام 2018 نحو 111 مليار درهم، متراجعة بنسبة 16% مقارنة بنحو 132 مليار درهم، خلال النصف الأول من 2017. مما يعني أن القطاع العقاري بدبي يواجه أزمة حقيقية في ظل الضعف الاستثماري الأجنبي بالإمارة
هبوط في سوق دبي المالي
وأحدث تذبذب الأسعار في سوق العقارات تأثيرًا مباشرًا على سوق دبي المالي، إذ هبط إلى أدنى مستوى له خلال 27 شهرًا، كما أنهى سوق دبي المالي تعاملاته الخميس الماضي بانخفاض بنسبة 1.86 % عند 2947.99 نقطة، أي أقل من حاجز الـ3 آلاف نقطة الذي يعتبر محطة رئيسية لقياس التعاملات، بينما سجلت بورصة دبي تراجعًا بنسبة 3.1 % مع نهاية الأسبوع.
ومنذ بداية العام الجاري، هبط مؤشر بورصة دبي 15%، وقد عد بذلك أحد أسوأ المؤشرات أداء في المنطقة العربية.
تنوع الأسباب واختلافها
-أسباب خارجية
اختلفت الأسباب التي أدت إلى الأزمة الإقتصادية التي تعيشها إمارة دبي، حيث أرجع محللون إقتصاديون الأسباب الأولية إلى تأثير الأزمة الخليجية وخاصة حصار دولة قطر، الذي حظر على أثريائها شراء العقارات، كما أجبرهم على بيع بعض عقاراتهم.
كما اعتبر محللون آخرون أن سوق العقارات في دبي قد تأثرت بحملة الاعتقالات التعسفية التي نفذها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان على الأمراء والأثرياء، والرقابة المشددة على تحركات أموال طبقة رجال الأعمال في السعودية.
-أسباب داخلية
وأرجع خبراء أسباب الأزمة إلى السياسة الاقتصادية الداخلية للدولة التي تتمثل في:
-فرض الضرائب
أدى فرض ضريبتي القيمة المضافة والضريبة الانتقائية على عدد من السلع والخدمات، وتطبيقها على بيع وتأجير الوحدات العقارية التجارية، منذ 6 أشهر، إلى ارتفاع أسعار الكثير من السلع والخدمات في مجال الاتصالات والتعليم والمطاعم، كما أثر بصورة ملحوظة وسريعة على حجم التضخم، وهو ما أكده تقرير لمركز دبي للإحصاء، الذي بين أن مؤشر الرقم القياسي لأسعار المستهلك ارتفع 1.99 % في الربع الأول من عام 2018 مقارنة بالربع الرابع من عام2017.
-أبراج كابيتال وشيكات المرتجعة
وتواجه “أبراج كابيتال”، وهي أكبر شركة استثمار مباشر في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، التي تأسست عام 2002 على يد عارف نقفي ذي الأصول الباكستانية،والتي اندلعت أزمتها في أواخر العام 2017، اتهامات بإساءة استخدام أموال مستثمرين في صندوق للرعاية الصحية، حيث تنظر المحاكم الإماراتية في قضية شيك بدون تغطية كافية كتبه مؤسس الشركة ومسؤول تنفيذي زميل قيمته نحو(48 مليون دولار، (177 مليون درهم)في حين ذكرت مصادر إعلامية أنه تم إسقاط قضية شيك مرتجع ضده الأحد، بعد التوصل إلى تسوية مؤقتة.
وأظهر تقرير نشرته شبكة بلومبرغ الأمريكية الإخبارية، أن شركة “أبراج القابضة” الإماراتية كانت تعمل وفق نموذج أعمال “غير معتاد” يعتمد على الاقتراض قصير الأجل، وأن هناك بيانات مالية أساسية للشركة مفقودة أو غير موجودة أصلا.
ووفقا لهذا التقرير الذي أعدته شركة المحاسبة “برايس ووتر هاوس كوبرز” التي تتولى تصفية أعمال “أبراج” في جزر كايمان، فإن الشركة الإماراتية لجأت إلى الاقتراض مرارا لسد فجوة في السيولة بين تكاليف التشغيل والرسوم التي تتقاضها من عملائها لإدارة استثماراتهم، فيما سجلت خسارة قدرها 188 مليون دولار في نهاية مارس/آذار الماضي بعدما استخدمت بعض أموال المستثمرين لإدارة عملياتها. وتبلغ ديون الشركة في الوقت الراهن حوالي 1.1 مليار دولار.
-أزمة شركات الطيران
وكشفت مصادر إعلامية أن تدني المؤشرات الاقتصادية بدبي ،قد امتد ليشمل شركات الطيران، أيضا، حيث أظهرت بيانات، مؤخرا مواجهة بين شركة طيران الاتحاد، التي تعتبر واحدة من أكبر شركات الطيران في الخليج وثاني أكبر شركة في الإمارات بعد طيران الإمارات، لخسائر بلغت 3.4 مليار دولار خلال عامي 2016 و2017، وفقاً لميزانياتها المنشورة.
كما أعلنت خطوط فيرجن أتلانتيك الجوية، التي تعمل على تشغيل رحلات جوية بين بريطانيا والإمارات منذ عام 2006، عن نيتها إيقاف الرحلات الجوية بين دبي ولندن، اعتباراً من نهاية مارس/آذار من العام 2019، مُرجعة أسباب ذلك إلى مجموعة من العوامل الخارجية التي جعلت الأمر غير مجد اقتصادياً.
وفي مايو/آيار الماضي، أعلنت خطوط رويال بروناي الجوية هي الأخرى عن توقف الرحلات بين دبي ولندن، معلنة عن إطلاق رحلات مباشرة بين لندن وبروناي. وعلى الرغم من أن المسار الجديد سيقلل من الوقت الذي يستغرقه السفر بين هاتين المدينتين بمقدار ثلاث ساعات ونصف، فإن ذلك يشكل ضربة للعديد من المسافرين من دبي، الذين كانوا يعتبرون هذه الشركة بمثابة الناقل الموثوق به ذي السعر المعقول للسفر إلى لندن.