لا مكان صالح لعيش الصهاينة في أرض المعياد المزعومة جراء الانهيار العسكري والأمني والاقتصادي والسياسي لكيان الاحتلال وتصاعد ضربات المقاومة الفلسطينية واللبنانية لمواقع وجنود قوات الاحتلال في مدن ومستوطنات شمال ووسط فلسطين المحتلة.
ففي الوقت الذي سعت فيه “حكومة نتنياهو” منذ الأيام الأولى من طوفان الأقصى لتهجير 3 مليون فلسطيني من قطاع غزة باتجاه أوروبا وفي الأوطان البديلة في صحراء سيناء المصرية والأردن وكينيا، وجدت نفسها بعد أكثر من عام في مواجهة تحدٍّ داخلي خطير، يتمثل في تسارع وتيرة هجرة اليهود المعاكسة من الأراضي المحتلة باتجاه بلدان “الزنابق البيضاء” في أوروبا وأمريكا وكندا.
وتأتي موجات تصاعد الهجرة المعاكسة من الأراضي المحتلة، بالتزامن مع تنامي حالة السخط الشعبي في الشوارع ضد “حكومة نتنياهو” اليمينية المتطرفة، والتي يطالب خلالها المحتجون بالتحقيق مع نتنياهو ووزراء حكومته بتهم التسبب في مقتل الأسرى الصهاينة وتدمير المدن المحتلة والأضرار التي لحقت بكيان الاحتلال وسمعته على المحافل الدولية، وذلك في ظل عجز قواتها من تحقيق نصر في الحرب على غزة واتساع دائرة الصراع بين حزب الله اللبناني وكيان الاحتلال، بالإضافة إلى الانهيار الاقتصادي المتسارع الذي فاقم من ارتفاع أسعار السلع، وغلاء المعيشة خاصة بعد تمكن القوات المسلحة اليمنية من إغلاق أحد أهم موانئ شريان الاقتصاد الصهيوني في أم الرشراش “إيلات”.
وفي هذا السياق، كشفت صحيفة “هآرتس” العبرية، عن ارتفاع حاد في عدد الصهاينة المهاجرين إلى كندا، مرجعة أسباب هجرتهم إلى “استمرار الحرب واضطراب الديمقراطية”، حسب ما قالته الصحيفة العبرية.
ووفقاً للصحيفة العبرية اليوم الاثنين، أن “نحو 10 آلاف إسرائيلي هاجروا إلى كندا هذا العام، حصل حوالي 8 آلاف منهم على تصريح عمل، وهو ما يمثّل 5 أضعاف عددهم في عام 2023”.
وقالت الصحيفة العبرية: “وفقا لبيانات وزارة الهجرة الكندية، قدّم 3,705 إسرائيليين بين ديسمبر الماضي ونهاية سبتمبر طلبات للحصول على تصريح العمل المؤقت الذي خصصته كندا للإسرائيليين بسبب الحرب، تمت الموافقة على 3,425 طلبا منها حتى الآن”.
وبينت الصحيفة أن كندا وافقت منذ ديسمبر الماضي وحتى 30 سبتمبر على 4,424 تصريح عمل عادي للإسرائيليين، بما في ذلك تمديد تصاريح العمل المنتهية”.
وكانت وسائل الإعلام العبرية كشفت في أعقاب عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023، حقائق صادمة بشأن مغادرة مليون صهيوني الأراضي الفلسطينية المحتلة، عائدين إلى بلدانهم الأصلية، ولا سيما في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية.
وكانت نتائج استطلاع الرأي أجراه المكتب المركزي “الإسرائيلي” للاحصاء، قد كشف مطلع نوفمبر الجاري أن 47% من الإسرائيليين يرغبون في مغادرة اراضي فلسطين المحتلة، بينما يشعر 71% منهم بالتشاؤم إزاء أوضاعهم المعيشية في الأشهر الأولى من طوفان الأقصى، والأدهى من ذلك، أن 50% من الصهاينة إما تضرروا مباشرةً من عملية طوفان الأقصى، أو يعرفون شخصاً في محيطهم القريب تأثر بها.
وتتزامن هذه الهجرة العكسية مع سلسلة كبيرة من الإخفاقات العسكرية والأمنية والاقتصادية والسياسية لـ”حكومة نتنياهو” اليمينية المتطرفة، والتي أدت للمرة الأولى منذ تأسيس كيان الاحتلال في مايو 1948م، إلى إصدار المحاكم الدولي قرار محاكمة بحق قادة كيان الاحتلال بتهم ارتكاب جرائم حرب ضد الإنسانية شملت جرائم الإبادة الجماعية واستخدام التجويع كسلاح حرب وهو ما يثبت ان دولة الاحتلال وقادتها كيان إرهابي خالص.
وتُلقي الهجرة المعاكسة بثقلها على المستقبل الوجودي لكيان الاحتلال اقتصاديا وعسكرياً الذي يعاني من عزوف متنامٍ عن الانخراط في صفوفه، وكذا رفض الحريديم لأوامر التجنيد الإلزامي الأمر الذي دفع الحاخام الأكبر لليهود مطلع العام الجاري لإطلاق حملة تهديد بمغادرة الأراضي المحتلة بشكل جماعي، في حال تنفيذ خطة قوات الاحتلال لتجنيد الحريديم.