الخليج//وكالة الصحافة اليمنية//
أدى سلوك المملكة العربية السعودية في حربها المدمرة في اليمن المنكوبة، إلى جانب توافق ولي العهد الأمير “محمد بن سلمان” مع إدارة “ترامب” و “إسرائيل”، ونهجه القسري في كثير من الأحيان في العلاقات الدبلوماسية، إلى فتح الباب أمام تحديات للقيادة الأخلاقية للمملكة للعالم الإسلامي السني، وهي عماد شرعية سيطرة “آل سعود” على السلطة.
وتصاعدت وتيرة الشرخ الحاصل في الشرعية السعودية بسبب الأزمة الإنسانية المتصاعدة في اليمن، التي وصفتها الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة بأنها أسوأ أزمة إنسانية في العالم منذ الحرب العالمية الثانية.
ووقعت وفيات مروعة بين المدنيين نتيجة للهجمات التي قادها التحالف الذي تقوده السعودية.
وتضررت استراتيجية المملكة بسبب النجاحات الانتخابية للزعماء الحاليين في دول مثل: ماليزيا، وتركيا، وباكستان، وعجزت المملكة عن فرض إرادتها على دول مثل: قطر، والأردن، ولبنان، والكويت، وعمان.
وكان الهجوم الذي وقع هذا الأسبوع على حافلة في صعدة والذي راح ضحيته ما لا يقل عن 43 شخصا، من بينهم 29 طفلا عائدين من معسكر صيفي، قد وجه ضربة قوية إلى السلطة الأخلاقية السعودية.
وقال التحالف إنه سيحقق في الهجوم الذي أثار غضبا دوليا.
ولم يكن هذا الهجوم سوى أحدث الحوادث المتعددة التي تعرضت فيها قوات التحالف إلى حفلات الزفاف والجنازات والمستشفيات، في حرب سيئة للغاية، أظهرت عدم كفاءة الجيش السعودي، على الرغم من حقيقة أن القوات المسلحة في المملكة تمتلك بعضا من أكثر الأسلحة تطورا في العالم، وفقا لمصادر عسكرية.
وكان “ترامب” قد عكس قرار سلفه، “باراك أوباما”، بوقف بيع الذخائر دقيقة التوجيه التي يتم إسقاطها جوا، إلى أن يتم تدريب القوات السعودية على نحو أفضل في الاستهداف وكيفية استخدام الأسلحة.
وقال مسؤول في إدارة “أوباما” في ذلك الوقت إن هناك مشاكل “منهجية ومتوطنة” في دقة الاستهداف من قبل السعودية.
فقدان القيادة
وقال “راجا كامار أحمد”، عضو مجلس الشيوخ الأعلى في ماليزيا: “لم يعد بإمكان ماليزيا والدول الإسلامية الأخرى النظر إلى السعوديين كما اعتادت، فلم يعد بإمكانهم أن يحظوا باحترامنا وأن يوفروا القيادة السليمة. لقد تخلى السعوديون عن الفلسطينيين، تماما مثل المصريين. ولقد اقترب السعوديون كثيرا من “إسرائيل” التي تقمع الفلسطينيين وتقتلهم”.
وأضاف: “قد يتعين على ماليزيا تحت قيادة الدكتور مهاتير محمد أن تأخذ زمام المبادرة في الحديث عن المسلمين المضطهدين في العالم، لقد حان الوقت لتظهر ماليزيا مرة أخرى القيادة التي كانت في يوم من الأيام تحظى بالإعجاب والاحترام في جميع أنحاء العالم”.
وسعت ماليزيا إلى النأي بنفسها عن المملكة منذ عودة “مهاتير” إلى السلطة في شهر مايو/أيار، والذي أدت تصريحاته الإسلامية السابقة، وتصريحاته المعادية لـ(إسرائيل)، إلى بروزه كشخصية قيادية في العالم الإسلامي.
وسحبت ماليزيا في الأسابيع الأخيرة قواتها من تحالف مكافحة الإرهاب العسكري المسلح الذي تقوده السعودية، ويضم 41 دولة، وأغلقت مركز الملك “سلمان” للسلام الدولي، المدعوم من المملكة، في كوالالمبور.
وكان وزير الدفاع الماليزي، “محمد سابو”، قبل فترة طويلة من توليه منصبه هذا العام، قد انتقد بشدة سلوك المملكة.
وفي حديثه لقناة الجزيرة الشهر الماضي، قال السيد “مهاتير”: “نشعر بخيبة أمل لأن المملكة العربية السعودية لم تنكر أن المال قد قُدم من قبل السعودية”، في إشارة إلى مبلغ 681 مليون دولار من الأموال السعودية تم تقديمها إلى رئيس الوزراء السابق “نجيب رزاق” بصورة غير شرعية.
وهنا تدخل ماليزيا كدولة إسلامية سنية أخرى تتحدى السعودية أو على الأقل ترفض التمسك بالسياسة الخارجية للمملكة، فيما يتعلق بمنافستها المريرة مع إيران، وتقاربها مع “إسرائيل” والضغط على الفلسطينيين، وكذلك المقاطعة الاقتصادية والدبلوماسية لقطر منذ 14 شهرا، بالتعاون مع الإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر، إضافةً إلى الحرب الكارثية في اليمن.
ومثل “مهاتير” في الماضي، برز الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” كقطب إسلامي شعبي، وتعززت مصداقيته بسبب نزاعاته المتصاعدة مع الولايات المتحدة، ودعمه العاطفي في كثير من الأحيان للفلسطينيين، ومعارضته لاعتراف “ترامب” بالقدس عاصمة لـ”إسرائيل”.
ولقد أصبحت تركيا، هذا الأسبوع، أحدث أهداف “ترامب” عبر العقوبات التجارية والاقتصادية، كوسيلة لتخويف الدول للخضوع لمطالبه.
إحباط السياسية السعودية
وفي الأعوام الأخيرة، عمل “أردوغان” على إحباط السياسة السعودية في المنطقة، من خلال تقديم نفسه كزعيم لعالم مسلم يعارض نهج “ترامب” بشأن “إسرائيل” وفلسطين والتحالف العربي الفعلي مع “إسرائيل”، مع الحفاظ على علاقات وثيقة مع إيران، وتحدي العقوبات الأمريكية ضد الجمهورية الإسلامية، ودعم قطر، وتوسيع النفوذ التركي في القرن الأفريقي في منافسة مع الإمارات العربية المتحدة، الحليف الإقليمي الأقرب للسعودية.
وتكرارا لتأكيد الرئيس السابق “جورج بوش” حول “محور الشر”، اتهم “بن سلمان”، في مارس/آذار، تركيا بأنها جزء من مثلث الشر الذي شمل إيران والجماعات الإسلامية.
واتهم ولي العهد تركيا بمحاولة إعادة الخلافة الإسلامية، التي تم إلغاؤها قبل قرن من الزمن، عندما انهارت الإمبراطورية العثمانية.
وبالمثل، أظهرت باكستان رغبتها في رسم مسارها الخاص، بالقول إنها تريد تحسين العلاقات مع إيران، والتوسط لإنهاء التنافس السعودي الإيراني، على الرغم من حقيقة أن المملكة قضت حتى الآن على أي فرصة للتفاوض، وتدعم جهود الولايات المتحدة لعزل الجمهورية الإسلامية.
ودعمت الأردن المملكة في خلافها مع كندا بسبب انتقاد سجل الرياض في مجال حقوق الإنسان، وامتنعت عن تعيين سفير جديد في إيران، لكنها أصرت على دعمها للرفض الفلسطيني لجهود السلام الأمريكية.
وعلى نحو مماثل، تراجع رئيس الوزراء اللبناني “سعد الحريري” عن استقالته التي أعلن عنها في البداية في الرياض العام الماضي، تحت إكراه مزعوم من قبل ولي العهد السعودي، في حين سعت سلطنة عمان والكويت، اللتان انزعجتا من الحملة السعودية الإماراتية ضد قطر، إلى رسم مسار وسطي يبقيهما خارج نطاق نيران الرياض وأبوظبي.
وفي الوقت الحالي، من المرجح أن تنجح المملكة في مواجهة التحديات التي تواجه قيادتها للعالم الإسلامي.
ومع ذلك، فإن تعرضها المتتالي للنقد، كما في حالة كندا غير المسلمة، أو الأهم من ذلك، قبل عامين من الزعماء المسلمين الذين استبعدوا الوهابية والسلفية من تعريفهم لأهل السنة والجماعة، هي عوامل قد تدمر قيادتها للعالم الإسلامي السني على المدى الطويل.