متابعات // وكالة الصحافة اليمنية //
تقرير قناة العالم
لم يختلف حال الدول العربية بين عيد الفطر وعيد الأضحى، ففي الوقت الذي تستمر فيه الأزمات والحروب والصراعات الداخلية، تتأثر الأسواق العربية وتتراجع حركة الشراء، الأمر الذي يحرم العائلات العربية في معظمها من الشعور بفرحة العيد بسبب الأزمة الاقتصادية التي تمر بها بلادهم.
وتعتبر اليمن وسوريا وغزة من أكثر البلدان العربية التي تعاني وعانت من أزمات مستمرة تؤثر على حياة المواطنين فيها وعلى مناسباتهم الدينية، ولا تقتصر المعاناة على الدول التي تدور فيها الحروب، فالفقر والبطالة والأوضاع الاقتصادية المتردية تعتبر من أهم الأسباب التي تنغص فرحتهم.
اليمن.. معارك وأمراض
في اليمن يستقبل السكان عيد الأضحى في استمرار العدوان السعودي ومرتزقته، والتي أودت بحياة آلاف المواطنين اليمنيين بينهم أطفال ونساء وشردتهم من منازلهم .
كما أدت الحرب الدائرة في اليمن إلى تفشي الأمراض والأوبئة، فقد اشتبه بإصابة أكثر من مليون شخص بالكوليرا منذ عام 2016، مات منهم أكثر من ألفي شخص.
وحذر برنامج الغذاء العالمي من خطر المجاعة في اليمن، مؤكدا أن ثمانية ملايين يمني بحاجة ماسة إلى مساعدات غذائية للبقاء على قيد الحياة، كما أن البنية التحتية في كثير من المناطق اليمنية تضررت كثيرا بسبب استمرار المعارك.
وتقول الأمم المتحدة إن ثلثي سكان اليمن لا يعرفون من أين سيحصلون على وجبات الطعام المقبلة ولا مصدرها ومدى نظافتها، كما أن هناك 22 مليون يمني، من إجمالي عدد السكان البالغ 25 مليون نسمة، يحتاجون لمساعدات إنسانية.
سوريا.. أسعار باهظة للأضاحي
يعتبر الوضع الاقتصادي في سوريا من أسوأ الأوضاع في المنطقة العربية، نظرا لما شهدته من مجازر وأحداث عنف بسبب الحرب الدامية التي أشعلها الغرب بمساعدة بعض الدول العربية على سوريا والتي راح ضحيتها مئات الآلاف من المدنيين السوريين، فيما نزح وتهجر الملايين منهم.
هذه الأزمة ألقت بظلالها الثقيلة على الوضع الاقتصادي السوري، وزيادة اسعار المعيشة والعقارات والبضائع وغيرها ،وتحديدا أسعار الأضاحي التي ارتفعت بشكل كبير قبل العيد، الأمر الذي منع المواطنين السوريين من أداء سنة الأضحية باستثناء ميسوري الحال منهم.
ويعود أسباب ارتفاع أسعار الأضاحي في سوريا إلى زيادة الطلب عليها وارتفاع تكاليف تربية المواشي ونقلها.
غزة.. العام الأسوأ على الإطلاق
يستهلك قطاع غزة في مثل هذا الوقت من كل عام، ما يزيد عن 14 ألف رأس من الماشية، لكن اليوم، تراجع حجم الاستهلاك ليصل إلى 8 آلاف رأس فقط، وبات قطاع كبير من الفلسطينيين غير قادرين على شراء الأضحية أو توفير مستلزمات العيد، نظراً للأزمة الاقتصادية التي تضرب مفاصل القطاع الحيوية وانعدام القدرة الشرائية تحت الحصار الصهيوني الظالم.
ولا تقتصر الأزمة على المواطنين، ففي ذات الوقت يشكو تجّار المواشي من إحجام الفلسطينيين عن شراء الأضاحي هذا العام، واصفين حركة سوق المواشي قبيل أيام من عيد الأضحى بـ”الأسوأ” على الإطلاق.
ويمكن إجمال أسباب تراجع الحركة الشرائية للأضاحي في غزة إلى أن مليوني فلسطيني يعيشون في القطاع تحت الحصار “الإسرائيلي” المفروض عليهم منذ أكثر من 11 عاما، بالإضافة إلى أن حوالي 53% من سكان القطاع يعانون من الفقر وفقا لبيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فيما قالت الأمم المتحدة، العام الماضي، إن 80% منهم يتلقون مساعدات إنسانية عاجلة.
وتسببت مشكلة قطع السلطة الفلسطينية لرواتب موظفي غزة في تفاقم سوء الأوضاع الاقتصادية، كما ضاعف ارتفاع أسعار السوق العالمي للحوم الحمراء من أسباب إحجام الغزيين عن شراء الأضاحي لهذا العام.
مصر والمغرب.. فتاوى وصكوك
تبدو الأزمة الاقتصادية هي العنوان الأساسي الذي يلخص انخفاض القدرة على شراء الأضاحي في البلدان العربية، ففي مصر التي لا تعاني من الحرب، يتجه المواطنون نحو الصكوك التي يتم التعامل معها رقميا عبر وسائل عدة بينها الإنترنت والبنوك، لمواجهة ارتفاع أسعار الأضاحي، وهي عبارة عن توكيل من المضحي لوزارة الأوقاف أو الجمعيات الخيرية، بشراء سهم في الأضحية والذبح عنه، وقد اعتبرته دار الإفتاء المصرية جائزا كنوع من الوكالة.
وتعتبر صكوك الأضاحي بديلا أرخص من تحمل تكلفة شراء الأضحية بالكامل ودفعة واحدة، حيث يساهم مع آخرين في تحمل سعرها، ما يفسر سبب الاقبال الكبير عليها، في الوقت الذي تشهد فيه سوق الأضاحي في مصر حالة من الركود، في ظل عدم قدرة الكثير من المصريين على الشراء بسبب تدني الدخل.
ووفرت معظم الجمعيات وسائل الدفع إلكترونيا، أو عن طريق الحساب البنكي للتسهيل على الراغبين في الشراء، مع إمكانية الاتصال بالجمعية لإرسال مندوبها لتحصيل قيمة الصك، بل إن بعضها يقبل تقسيط المبلغ على 6 أشهر.
ويزن صك الأضحية 27 كيلوغراما، تسمح الجمعيات الخيرية لصاحب الصك بالحصول على ثلث الأضحية أي حوالي 9 كيلو غرامات.
في ذات السياق، أجازت فتوى شرعية في المغرب، الاقتراض الربوي من بنوك تجارية، لشراء أضاحي العيد. وفجّرت هذه الفتوى جدلا واسعا بالمملكة خصوصا بين العلماء والدعاة الذين ثاروا على الحسن السكنفل، رئيس “المجلس العلمي المحلي” الذي نشر مقطع فيديو، اعتبر فيه أن “الضرورة الاجتماعية”، تعتبر مبررا شرعيا للإفتاء بجواز الاقتراض من البنوك، من أجل إقامة سُنّة مؤكدة من سنن الإسلام، في إشارة لعيد الأضحى!.
وأضاف “السكنفل”، أن القروض البنكية تعتبر “محل خلاف بين فقهاء الإسلام، كما رأى أنه “لا بد حتى لمن يذهب إلى تحريم هذا الاقتراض، الأخذ بعين الاعتبار البعد الاجتماعي لشعيرة الأضحية في المغرب، ومراعاة الاضطرار الواقع على رب الأسرة”.
والفتوى، فجّرت جدلا واسعا في السعودية ، فقد رد بعض العلماء عليه قائلين إنه “جعل المحرم حلالا”، فيما قال آخرين إن “الله لا يُعبد بالحرام والقول بجواز شراء الأضحية بالديْن الربوي ليس له ما يبرره شرعا”.
ويولي الشعب المغربي أهمية كبيرة للأضحية في العيد، وتشير تقديرات وزارة الزراعة، إلى أنّ الطلب على الماشية خلال عيد الأضحى، يصل إلى 5 ملايين و430 ألف رأس غنم، لكن الفقر يحرم العديد من العائلات من ذبح الأضاحي.
يبدو ان مشهد عيد الأضحى متشابها في معظم البلدان العربية التي وإن لم تُنهكها الحروب، يعبث بها الفقر وتردي الأوضاع الاقتصادية التي تكون بمثابة سكين تُسلط على عنق فرحتهم بالعيد.
وعيد الاضحى هو مناسبة جميلة لنثر معاني الجمال والخير، ومناسبة طيبة لتعزيز العلاقات الطيبة والحسنة بين الأفراد، وقطع دابر الخصومة وفض النزاعات وتقوية روابط القرابة والرحم وإعادة صلتها بنفس طيبة وشعور متدفق بالسعادة الغامرة ونسيان الماسي وتجاهل الاذى، من أجل الاسهام في إعادة بناء المجتمع المتحاب المتماسك القوي المتحد العصي على عوامل التفكك والفرقة، واصلاح ما أفسدته الدنيا والسياسية والتنافس على المصالح ؛ في نفوس الإخوة والأصدقاء والأقرباء والجوار وسكان الاحياء، وهنا ينبغي عدم نسيان الأشقاء المهجرين من أرضهم وديارهم ظلماً وعدواناً نتيجة آثار الحرب.