الخليج//وكالة الصحافة اليمنية//
يواجه 5 ناشطين سعوديين احتمال تنفيذ حكم الإعدام فيهم، ولم تكن جرائمهم سوى “المشاركة في الاحتجاجات”، و”ترديد شعارات معادية للنظام”، و”تصوير الاحتجاجات وبثها على وسائل التواصل الاجتماعي”.
وينتمي هؤلاء الخمسة، بمن فيهم الناشطة في مجال حقوق المرأة، “إسراء الغمام”، إلى المنطقة الشرقية ذات الأغلبية الشيعية. ولقد أمضوا أكثر من عامين في السجن. والآن، يطالب الادعاء بإعدامهم.
وتكشف محنتهم عن زيف الادعاءات بأن السعودية “تتحرر”. وأدى موت الملك “عبدالله” عام 2015، ليحل محله الملك “سلمان بن عبدالعزيز آل سعود”، إلى اقتناع الكثيرين في الغرب بأن هناك إصلاحا في السعودية، خاصة مع الإعلان عن رؤية ولي العهد “محمد بن سلمان”، القائد الطموح والقوة الدافعة وراء تحركات “التحديث”.
نعم، سمح “سلمان” للنساء بقيادة السيارة، وإدارة أعمالهن الخاصة، وحضور الأحداث الرياضية، وقد فتحت دور السينما، وتم تنظيم حفلات موسيقى الروك. لكن الملك يبقى الحاكم المطلق لمملكة تمارس التعذيب، وتقطع رؤوس المعارضين، وتصدر سياسة خارجية بربرية، بما في ذلك ارتكاب واحدة من أكثر الحروب وحشية في العصر الحديث في اليمن.
وعلى مدار العام الماضي، تم اعتقال عشرات الناشطين ورجال الدين والصحفيين والمثقفين في ما وصفته “الأمم المتحدة”، وهي منظمة عادة ما تكون حذرة من انتقاد المملكة، بـ”نمط مقلق من الاعتقالات والاحتجاز التعسفي على نطاق واسع ومنهجي”.
ولا يوجد سوى عدد قليل من البلدان حول العالم تعدم الناس بمعدل أعلى من السعودية، وفي ظل نظام “الإصلاح” الحالي، تم إعدام ما لا يقل عن 154 شخصا في عام 2016، و146 في عام 2017، وكان العديد منهم بسبب المعارضة السياسية، والتي أعادت السلطات السعودية تسميتها بـ”الإرهاب”. فالنظام الذي يسمح للنساء بالقيادة لكنه يعدمهن لتعبيرهن عن آرائهن هو “إصلاحي” فقط في خيال بعض المؤلفين.
الاستقرار الموهوم
وما يجذب المعلقين والقادة الغربيين إلى المملكة العربية السعودية هو أن رفض النظام إبداء أي معارضة قد أوجد حتى الآن دولة مستقرة نسبيا ومؤيدة للغرب أيضا. ولأن العائلة المالكة السعودية على وجه التحديد رجعية للغاية، فقد كان ينظر إليها منذ فترة طويلة على أنها حصن ضد “الراديكالية”، سواء كان ذلك ضد الاتحاد السوفييتي أو إيران أو الحركات الديمقراطية المحلية.
ومنذ الثورة الإيرانية عام 1979، نشأ صراع بين الرياض وطهران من أجل التفوق في العالم الإسلامي، وكلاهما من الأنظمة الثيوقراطية الاستبدادية. ويتم التعبير عن رد فعل إيران الإسلامي من خلال المشاعر المعادية للغرب، في حين يتم ذلك في المملكة من خلال دعم السياسات الخارجية الغربية. وفي عيون كثير من المعلقين الغربيين، يجعل هذا إيران جانب الشر، والمملكة هي قوة الاستقرار.
وفي الأسبوع الماضي، في أعقاب تفجير سعودي لحافلة مدرسية في اليمن أسفر عن مقتل 33 طفلا، دافع “جيريمي هانت”، وزير الخارجية، عن علاقات بريطانيا بالرياض، على أساس أن البلدين “شركاء في محاربة التطرف الإسلامي”، وأن السعوديين قد ساعدوا في وقف “تفجير القنابل في شوارع بريطانيا”. وفي الواقع، تتحمل السعودية المزيد من المسؤولية عن صعود “الإرهاب” الإسلامي أكثر من أي دولة أخرى.
ومنذ السبعينيات من القرن الماضي، ومن خلال تدفق أموال النفط، كان السعوديون يصدرون الوهابية إلى العالم، وهي شكل قاس وصارم من الإسلام، استخدمته عشيرة “آل سعود” لإرساء حكمها بعد إنشاء دولتهم عام 1932. وقد مولت الرياض عددا لا يحصى من المدارس الدينية والإسلامية والمساجد ومولت أيضا الحركات الجهادية من أفغانستان إلى سوريا. وكان “أسامة بن لادن” سعوديا، وكذلك كان معظم الخاطفين في أحداث 9/11. ووصفت مذكرة حكومية أمريكية عام 2009 المملكة بأنها “المصدر الأكبر لتمويل الجماعات الإرهابية السنية في جميع أنحاء العالم”، واستفاد السعوديون من معرفتهم بمثل هذه المجموعات للفوز بالنفوذ في الغرب.
لكن من يدفع الثمن هم الأطفال في تلك الحافلة المدرسية والناشطون الخمسة الذين يواجهون احتمال قطع رؤوسهم بسبب احتجاجات سلمية، وملايين اليمنيين الذين يقفون على حافة المجاعة، وآلاف السعوديين المسجونين، الذين يتعرضون للجلد والتعذيب بسبب رغبتهم في التمتع بالحقوق الأساسية. لكن ماذا يزن كل ذلك عند مقارنته بقيمة نظام “ودود” للغرب في تلك المنطقة المظلمة من العالم؟