المصدر الأول لاخبار اليمن

جرائم الإبادة الجماعية في الساحل السوري وتداعياتها السياسية والحقوقية

تحليل/عبدالكريم مطهر مفضل/ وكالة الصحافة اليمنية//

تواصل الأزمة السورية تعقيداتها مع تصاعد حدة العنف في الساحل السوري، حيث تتعارض الروايات الرسمية مع تقارير حقوقية دولية توثق مجازر وانتهاكات جسيمة.

فبينما تروج وسائل الإعلام الموالية لحكومة دمشق الجديدة لرواية مفادها أنها تحارب “فلول النظام السابق”، تكشف تقارير ميدانية أن الضحايا هم مدنيون من الطائفة العلوية غالبيتهم من الشيوخ والنساء والأطفال وأرباب المهن بينهم أطباء ومعلمون، ما يفتح الباب أمام تساؤلات حول الأبعاد الطائفية والسياسية لهذه العمليات العسكرية.

بين الدعاية والواقع

وفقاً للمرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن ما يجري في الساحل السوري يتجاوز كونه عمليات عسكرية ضد “فلول النظام السابق”، حيث تحولت المواجهات إلى عمليات انتقامية ضد مدنيين أبرياء، راح ضحيتها 568 شخصاً، بينهم نساء وأطفال وشخصيات أكاديمية وطبية.

ويرى المراقبون والحقوقيون، في هذا الرقم المهول من الضحايا يشير إلى أن الأمر ليس مجرد اشتباكات عسكرية، بل يحمل أبعاداً أوسع تتعلق بتصفية طائفية وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان تصل إلى جرائم إبادة جماعية وتصفيات عرقية.

الانعكاسات الإنسانية والسياسية

إن تكرار المجازر بحق أبناء الطوائف والأقليات السورية وعلى وجه الخصوص في مناطق الساحل السوري يثير مخاوف متزايدة بشأن مستقبل التعايش بين المكونات الطائفية في سوريا الجديدة.

ففي بانياس، قُتل 60 مدنياً بينهم نساء وأطفال، بينما شهدت اللاذقية مجازر أكثر دموية، كان أبرزها في قرية المختارية التي فقدت 166 من سكانها في عمليات تصفية طائفية وعرقية لم يشهد الوطن العربي مثيلاً.

هذا التصعيد يهدد بمزيد من العداء بين الطوائف ويدفع سوريا نحو مزيد من الانقسام والتطرف.

ويشير ساسيون، إلى أن استمرار هذه المجازر دون رادع يعزز من حالة الفوضى، ويفتح المجال أمام تدخلات دولية جديدة قد تعيد خلط الأوراق في المشهد السوري.

فمنظمة حقوقية محلية، إلى جانب منظمات دولية أخرى، دعت إلى تدخل دولي عاجل وإرسال فرق تحقيق مستقلة لتوثيق هذه الجرائم ومحاسبة المسؤولين عنها، وهو ما قد يزيد الضغوط الدولية على الحكومة السورية المؤقتة ويفتح الباب أمام مساءلة دولية، خاصة أن قادة تلك الحكومة لا يزالون على قوائم الإرهاب الدولي.

صمت دولي أم تواطؤ؟

ورغم التنديدات والمناشدات التي أطلقتها منظمات حقوقية محلية ودولية، لا يزال صمت الموقف الدولي مثيراً للتعجب، ما يطرح تساؤلات حول مدى اهتمام المجتمع الدولي بوقف هذه الانتهاكات، أو مستقبل سوريا الجديدة.

فمع تصاعد المطالبات بإرسال فرق تحقيق دولية، يبقى السؤال حول جدية القوى الكبرى في اتخاذ إجراءات ملموسة، خاصة في ظل انشغالها بملفات إقليمية أخرى.

في ظل هذا المشهد الدموي، يمكننا القول، إن مستقبل الساحل السوري بشكل خاص وسوريا بشكل عام يظل محفوفاً بالمخاطر، حيث يؤدي استمرار الانتهاكات إلى مزيد من التوترات الطائفية والسياسية.

ويبقى الرهان أن تبقى ضمير لدى المجتمع الدولي، إلا أن الوقائع والأحداث منذ سقوط نظام الأسد في 8 ديسمبر الماضي، لا يبشر بتحرك دولي فعال ينقذ المدنيين في سوريا من دوامة العنف الحكومي المستمرة.

قد يعجبك ايضا