تحليل/عبدالكريم مطهر مفضل//
في لحظة تاريخية فارقة، وبينما تتطلع سوريا إلى مستقبل يلملم جراح الماضي ويؤسس لدولة مدنية ديمقراطية، برز مشروع مسودة الدستور الجديد الذي أعلنت عنه حكومة دمشق المؤقتة، ليشعل أزمة سياسية جديدة وجدلاً واسعاً وعاصفة من الرفض في مختلف الأوساط السورية.
رفض شعبي واسع
في مدينة قامشلي شمال شرق سوريا، خرج المئات من الأهالي في تظاهرات احتجاجية، معبرين عن رفضهم القاطع لمسودة الدستور التي وصفوها بـ”غير الشرعية” لعدم مراعاتها للتنوع العرقي والديني في البلاد.
واعتبر المحتجون أن هذه المسودة جاءت لتكرس الإقصاء بدلاً من تحقيق المساواة، وهو ما زاد من قلق السوريين بشأن مستقبلهم السياسي وحقوقهم في سوريا الجديدة.
ويرى المتظاهرون أن الدستور الجديد لا يعكس تطلعات الشعب السوري ولا هويته الأصيلة، بل يعد محاولة لتجاهل التعددية العرقية والدينية، ما يقوض أي جهد لتحقيق الديمقراطية الحقيقية في سوريا.
إعادة إنتاج الاستبداد؟
يرى مراقبون أن مسودة الدستور تعيد إنتاج النظام الاستبدادي السابق، حيث يتجاهل التنوع السوري، ويعمّق القمع السياسي، مما أثار خيبة أمل واسعة بين السوريين.
فبعد سنوات من الصراع الدموي والمعاناة، كان الأمل معقوداً على دستور يعزز الحريات ويوفر ضمانات لمشاركة الجميع في بناء الدولة، لكن هذه المسودة تأتي لتكرس الهيمنة وتعرقل عملية التحول الديمقراطي.
تهميش الحقوق
أحد أبرز الانتقادات الموجهة للدستور الجديد هو تهميشه لحقوق المرأة، ما يعكس استمرار النهج التقليدي في التعامل مع قضايا المساواة والعدالة.
كما أن غياب الاعتراف الكامل بحقوق المكونات العرقية والدينية يثير مخاوف من أن يؤدي الدستور إلى مزيد من الانقسامات والصراعات داخل المجتمع السوري، بدلاً من أن يكون وثيقة توافقية ترسي أسس دولة مدنية عادلة.
مواقف الأحزاب والقوى السياسية
في هذا السياق، دعا الحزب الآشوري الديمقراطي القوى الوطنية والمجتمع الدولي إلى رفض أي محاولة لفرض إعلان دستوري يهمِّش أي طرف، مطالباً بضرورة دعم عملية سياسية شفافة تضمن بناء سوريا حرة وديمقراطية قائمة على اللامركزية.
واعتبر الحزب أن فرض دستور دون توافق وطني حقيقي يشكل تهديداً لمستقبل سوريا.
من جانبه، اعتبر حزب الاتحاد السرياني أن مسودة الدستور تعكس مرحلة غير مستقرة في المشهد السياسي السوري، مشيراً إلى أن هذه الخطوة تعكس محاولات الحكومة المؤقتة في دمشق لتكريس الإقصاء والتهميش للمكونات السورية، بدلاً من التأسيس لمرحلة انتقالية جامعة.
أما المجلس العلوي الأعلى في سوريا والمهجر، فقد طالب بحماية دولية، معلناً رفضه القاطع للإعلان الدستوري الذي أصدره “الجولاني”، واصفاً إياه بأنه إعادة إنتاج لدكتاتورية إقصائية تهدد الاستقرار في سوريا.
مستقبل سوريا على المحك