أبوظبي/وكالة الصحافة اليمنية//
تشهد تجارة الألماس بين الإمارات و”إسرائيل” انتعاشا ضخما والتي تساهم بنحو مليار دولار سنويا في وزارة جيش الاحتلال الإسرائيلي وهو ما يسام هم في تمويل آلة الحرب الإسرائيلية على الفلسطينيين.
وفي الوقت الذي لا تزال فيه غزة ترزح تحت القصف الإسرائيلي المتواصل، وتُسجل أعداد الشهداء من المدنيين أرقاماً مفجعة، تنشط خلف الكواليس شبكة علاقات تجارية تموّل بشكل مباشر وغير مباشر آلة الحرب الإسرائيلية والمستوطنات في الضفة الغربية.
وأبرز موقع (UAE71) المعارض، أن من بين هذه العلاقات، تبرز “تجارة الألماس” بين أبوظبي و”إسرائيل”، التي تمثل إحدى أبرز صور “التطبيع الاقتصادي المُربح” الذي يضخ مليارات الدولارات في خزينة الاحتلال، في وقت يعاني فيه قطاع غزة، وفلسطين عموماً، من حصار ودمار شامل.
ولطالما كان الألماس عنصراً رئيسياً في الاقتصاد الإسرائيلي، وتُشكّل تجارته جزءاً هاماً من اقتصاد اليهود تاريخياً، وتضاعف عقب احتلال فلسطين عام 1948. وتعد دولة الاحتلال لاعباً مهماً في إنتاج قطع الألماس بالجُملة، ولديه بورصة رئيسية لتجارته في مدينة رامات غان، والتي تعد مركزاً تجارياً عالمياً، وواحدة من أكبر بورصات الألماس وأكثرها نفوذاً في العالم.
ومثّلت تجارة الألماس إحدى أهم النقاط التي شكلت حلقة وصل بين أبوظبي والاحتلال الإسرائيلي، حيث شكلت خلال سنوات التطبيع الأولى أكثر من ثلثي إجمالي حجم التبادل التجاري، وتزايدت بشكل ملحوظ بتسهيل إماراتي كبير.
وارتفعت تجارة الإمارات من الألماس الخام خلال عامين ونصف فقط من توقيع اتفاقية التطبيع بنسبة 72٪، والألماس المصقولة بنسبة 50٪، حيث كان التطبيع أحد العوامل الرئيسية لهذا الارتفاع.
وتشير التقارير إلى أن تجارة الألماس بين أبوظبي والاحتلال الإسرائيلي ليست حديثة عهد تولّدت خلال السنوات الأخيرة، بل تنامت بشكل سري على مدى عقدين من الزمان قبل إعلان اتفاق التطبيع في سبتمبر 2020، حيث يقف وراء ذلك التواصل السري أحمد بن سليم، المدير التنفيذي لمركز دبي للسلع المتعددة، والرئيس التنفيذي لبورصة دبي للألماس، كما تفيد وسائل الإعلام العبرية.
وقبل التطبيع، كانت شركات الألماس الإسرائيلية تضطر إلى اتباع طرق غير مباشرة (مثل أوروبا أو آسيا) لتوصيله إلى الإمارات، لكن اتفاقية التطبيع فتحت الباب أمام الشحنات المباشرة من الألماس الخام والمصقول، مما قلل التكاليف والوقت على تجار الألماس الإسرائيليين.
إضافة إلى ذلك، أدت اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين أبوظبي والاحتلال الإسرائيلي، التي تم التوقيع عليها في مايو 2022، ودخلت حيز التنفيذ في أبريل 2023، إلى إلغاء الرسوم الجمركية على الألماس، لتجعل من أبوظبي من نفسها مركزاً لتسهيل عبوره إلى دولة الاحتلال.
عقب توقيع اتفاقية التطبيع، لم تتأخر أبوظبي كثيراً في إخراج تجارة الألماس مع الاحتلال إلى العلن، فقد وقعت اتفاقية لتعزيز التجارة بين بورصة الألماس الإسرائيلية وبورصة دبي للألماس، في 17 سبتمبر 2020، بعد يومين فقط من توقيع اتفاقية التطبيع.
وفي إطار هذه الاتفاقية، افتتحت بورصة دبي مكتبها في رامات غان في العام نفسه، بينما افتتحت بورصة الألماس الإسرائيلية مكتبها في دبي في فبراير 2022 وأعلن رسمياً عنه بحلول نهاية العام، لتصبح الإمارات بذلك بوابة رئيسية لتوريد الألماس الخام إلى “إسرائيل”، ومنفذاً إستراتيجياً لإدارة الألماس القادم من أفريقيا، بعيداً عن الرقابة الدولية.
عزز ذلك مكانة إسرائيل كواحدة من أكبر مراكز صناعة الألماس في العالم؛ ما ساهم بشكل مباشر في دعم الاقتصاد الإسرائيلي، إذ تُعتبر تجارة الألماس من المصادر الرئيسية للموارد المالية التي تُموَّل منها المؤسسات الحكومية الإسرائيلية، بما فيها المؤسسة العسكرية التي تفتك الأسلحة بأرواح الأطفال والنساء والرجال الفلسطينيين.
وحتى نهاية 2022، كانت هناك ٧٨ شركة إسرائيلية تتواجد في مركز دبي للسلع المتعددة، ثلثها يعمل في مجال الألماس، بحسب تصريحات رئيس بورصة دبي للألماس أحمد بن سليم، الذي كشف أنه ظل يتردد على إسرائيل منذ عام 2001 لتعزيز تجارة الألماس.
وتُظهر البيانات المتاحة أن تجارة الألماس بين الجانبين ليست رمزية، بل ذات طابع استراتيجي؛ ففي عام 2021، صدّرت دولة الاحتلال ما قيمته 188 مليون دولار من الألماس الخام إلى الإمارات، بينما استوردت منها ما قيمته 244 مليون دولار، وهو ما يمثل 11.8% من إجمالي وارداتها من الماس الخام في ذلك العام.
أما في عام 2022، بلغت قيمة تجارة الألماس بين الجانبين 1.75 مليار دولار، بنسبة ارتفاع بلغت 163% عن العام السابق 2021، وفقا لإحصائيات أصدرها مركز دبي للسلع المتعددة.
ورغم انخفاض حجم تجارة الألماس الخام في إسرائيل عام 2023، إلا أن إحصائية إسرائيلية كشفت أن تجارة الألماس مع الإمارات خلال نفس العام كانت تمثل 27٪ من إجمالي واردات وصادرات الاحتلال الإسرائيلي.
وفي مارس 2024 لوحده، وفي خضم الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والمقاطعة الاقتصادية الشديدة التي تلقاها الاحتلال الإسرائيلي، استوردت تل أبيب من الإمارات الماس خام بقيمة 57 مليون دولار، ما يُمثل 51% من وارداتها لذلك الشهر فقط، في الوقت الذي استوردت الإمارات ما قيمته 20 مليون دولار من الألماس الخام، يمثل 19% من الصادرات الإسرائيلية.
ويذهب جزء من الألماس الذي يستورده الاحتلال الإسرائيلي إلى المؤسسة العسكرية للتصنيع العسكري، في حين يتم إعادة تصدير الجزء الآخر بعد قطعه وصقله في مراكز متخصصة في تجارة أهم الأحجار في العالم.
وتساهم صناعة الألماس بنحو مليار دولار سنويا في وزارة جيش الاحتلال، مما يجعلها مصدرا ضخما لتمويل عمليات الاحتلال الوحشية في الأراضي الفلسطينية.
وتشير التقارير إلى أن نسبة كبيرة من المشاركين في هذه التجارة هم من الجنرالات السابقين في الجيش ، وعملاء الموساد الذين انتقلوا إلى تجارة الأسلحة، واستخدموا أرباحهم لدعم الآلة العسكرية التدميرية للاحتلال، وتمويل بناء المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية.
وفي الوقت الذي تُحاصر فيه غزة، ويُقصف فيها كل شيء دون استثناء، تتدفق مليارات الدولارات في قطاع الألماس إلى خزائن الاحتلال، وتُضخ في ميزانيات تصنع القنابل والطائرات التي تفتك بأجساد الفلسطينيين.