تحليلات ( وكالة الصحافة اليمنية)
تتشابك خيوط الحرب اليمنية وتتعقد ظروفها يوماً بعد يوم، ونحن نتجه نحو ذكرى عامها الرابع، هذه الحرب التي تحوّلت بعد مرور هذه الأيام إلى كابوس يأخذ ولي العهد السعودي محمد بن سلمان نحو المزيد من الانعزال، وبما أنه شكّاك بطبعه، نعتقد بأنه بدأ يشعر بأن الأزمة اليمنية التي رافقها أزمات سابقة ولاحقة كان له دور كبير في إحداثها، أصبحت تثقل كاهله وتؤكد له بأن الحل العسكري “لن يكون مجدياً” مهما طالت أيام هذه الحرب، وقصف المدنيين لإجبار مقاتلي اليمن على الاستسلام لم يجدِ نفعاً أيضاً، وليس هناك سبيل للحل سوى الحوار واحترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤون اليمن الخاصة.
دفع دولي نحو محاسبة المتورطين في مجازر اليمن
يبدو أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورغم تحدثه عن علاقة بلاده الاستراتيجية بالسعودية، إلا أنه لا يستطيع أن يتخلص من سمته الأصلية بكونه “تاجر” يبحث عن المال أينما ذهب، ولا نستغرب أن يكون الضغط الذي يمارسه اليوم على السعودية فيما يخص المجزرة الأخيرة التي استهدفت حافلة ركاب كانت تُقل أطفالاً في صعدة (شمالي اليمن)، يأتي ضمن هذا السياق، وإلا لكانت عاقبت واشنطن السعودية منذ مجزرة “الصالة الكبرى” التي راح ضحيتها المئات، ورافقها بعض الإدانات دون أن تحرّك دولة سكاناً في اتجاه منع توريد الأسلحة إلى السعودية، والأسلحة التي قتلت المئات قبل عامين من الآن هي نفسها التي قتلت الأطفال قبل شهر، وهي أمريكية بطبيعة الحال.
اليوم واشنطن تقول إنها تأخذ “على محمل الجد” تقريراً أمميا أشار إلى “جرائم حرب” محتملة ارتكبت في اليمن من جميع أطراف النزاع وضمنها السعودية حليفة أمريكا، وقالت هيذر نويرت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية: “اطلعنا على تقرير مجلس حقوق الإنسان، إن الانتهاكات المحتملة للقانون الدولي التي أشار إليها هذا التقرير تقلق بشكل عميق الحكومة الأمريكية”، وأضافت: “نعتقد أن لا شيئ يمكن أن يبرر مثل هذه الجرائم إذا كانت حدثت فعلاً” داعية أطراف النزاع إلى “اتخاذ الاجراءات الضرورية لتجنب مثل هذه الانتهاكات”، بحسب “فرانس برس”.
ومن جانبها وجهت وزارة الدفاع الأمريكية، تحذيراً للسعودية، بأنها مستعدة لخفض الدعم العسكري والاستخباراتي، لحملتها ضد جماعة “أنصار الله” في اليمن، إذا لم يُظهر السعوديون أنهم يحاولون تقليل عدد القتلى المدنيين نتيجة الغارات، ولكن من غير الواضح، إذا ما كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي يرى السعوديين كحليف رئيسي، سوف يقبل بتخفيض الدعم.
وتقدم أمريكا حالياً إعادة تعبئة الوقود للطائرات السعودية في الجو، وبعض الدعم الاستخباراتي،ايضا الأسلحة التي تستخدمها الرياض في قصف اليمنيين أمريكية الصنع.
إذا لم تتم محاسبة المسؤولين عن المجزرة الأخيرة في “صعدة” والتي راح ضحيتها 51 شخصاً بينهم 40 طفلاً، وأوقعت 79 جريحاً بينهم 56 طفلاً، لن يكون هناك أمل في إنهاء الحرب الدائرة في اليمن في المستقبل القريب والتي أدت إلى أفظع كارثة إنسانية في العالم ودمرت بنى البلاد التحتيّة وشردت نساءها وأطفالها وجعلتهم من دون مأوى يعانون حر الصيف وبرد الشتاء ومصابين بأمراض شتى نتيجة عدم الرعاية الصحية، وستكون عدم المحاسبة بمثابة إعطاء ضوء أخضر لاستمرار القصف ضد المدنيين، فالإدانات الشفهية لن تجدي نفعاً وستسمح بتأزيم الأمور.
التورط مع تنظيم القاعدة
قبل عدة أسابيع كشفت وكالة “أسوشييتد برس”، النقاب عن أن التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، أبرم اتفاقات سرية مع مقاتلي تنظيم “القاعدة”، ودفع لهم أموالاً للخروج من مناطق رئيسية، كما أنه أبرم اتفاقات معهم للانضمام إلى “التحالف” الذي يقاتل جماعة “أنصار الله” (الحوثيين) في هذا البلد منذ ربيع عام 2015، وذلك كله بعلم وتسهيل من الأمريكيين، وحسب الاتفاق تم دفع المال لبعضهم لقاء مغادرتهم المدن والبلدات الرئيسية التي كانت تحت سيطرتهم في اليمن وترك آخرين ينسحبون مع كامل أسلحتهم ومعداتهم وعتادهم وكم كبير من الأموال المنهوبة، وفقاً لما كشفه التحقيق، كما جنّد المئات منهم للانضمام إلى التحالف ذاته.
ألا تكفي هذه التقارير الموثقة لكبح جماح التحالف السعودي الإماراتي في قتل المزيد من المدنيين العزّل في اليمن؟!.
الخميس الماضي اعترفت منظمة هيومن رايتس وتش، بأن الغارة التي شنّها العدوان السعودي على مراسم عزاء في العاصمة اليمنية صنعاء، يبدو أنها جريمة حرب، وأضافت المنظمة الدولية “إن الغارة على مراسم العزاء تؤكد الحاجة الملحة إلى تحقيقات دولية موثوقة في انتهاكات قوانين الحرب في اليمن”.