تحليلات (وكالة الصحافة اليمنية)
محاولات حثيثة يذهب بها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان نحو “علمنة المملكة” خلافاً لما كان عليه آباؤه وأجداده لعقود طويلة من الزمن، وخلال قرن كامل لم يجرأ أحد من آل سعود على المساس بالمؤسسة الدينية التي وقّعت تعهداً مع العائلة الحاكمة، بحيث يحمي بعضهما الآخر واليوم يريد ابن سلمان الانقضاض على هذا التعهد وتفتيته عبر “إعدام” رموزه ليكونوا عبرةً لكل من تسوّل له نفسه الاقتراب من برنامج ولي العهد “العلماني!”.
علمانية ابن سلمان
لا نعلم كيف يمكن لولي العهد أن يأخذ البلاد نحو الانفتاح وإبعاد تأثير المؤسسة الدينية على القرارات السياسية وفي نفس الوقت يزجّ رموز الحرية والانفتاح والنشطاء الذين أفنوا عمرهم في الدفاع عن الحريات وحقوق الإنسان ومنح المرأة المزيد من الحريات في السجن؟!.
صحيفة “نيويورك تايمز” ألقت الضوء اليوم على هذه المسألة عبر كاتبها “فيصل ديفجي” أستاذ التاريخ الهندي بجامعة أكسفورد، واعتبرت الصحيفة أن ابن سلمان اتخذ مجموعة الإجراءات الأخيرة المتعلقة بالحريات والتحرر ليتستر خلفها لتمرير قمعه وبطشه بمعارضيه.
واعتبر ديفجي في المقال الذي نشره صباح اليوم، أنه من المحتمل أن مشروع ولي العهد لجعل السعودية دولة مُعرَّفة سياسياً وليست دينياً، سوف يؤدي لهدم الرؤية التي يعود تاريخها إلى قرن من الزمان بوجود جغرافيا إسلامية، التي كانت دائماً قائمة على الجزيرة العربية التي تشكل مركزها غير السياسي.
وأشار الكاتب إلى أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يتخذ خطوات سريعة لجعل بلاده قوة سياسية وعسكرية لأول مرة منذ تأسيسها، فدخل بسبب ذلك في حرب وحشية مع اليمن، وفرض حصاراً على قطر، وتبنَّى مواقف عدوانية متنامية ضد إيران ومنافسين آخرين.
وأضاف: “وسواء نجحت استراتيجية الأمير ابن سلمان أم لا، فإنَّها ستغير مكانة السعودية الدينية في العالم الإسلامي”.
اعتقالات بالجملة
قبل عام من الآن شنت السلطات السعودية، حملة اعتقالات استهدفت علماء ودعاة بارزين من بينهم الداعية سلمان العودة وعوض القرني وغيرهما، وقبل خمسة أيام حاكمت السلطات السعودية الداعية العودة ووجهت له 37 تهمة أبرزها يدور حول الإرهاب، وطالبت النيابة العامة إعدامه “تعزيراً” إلى جانب عدد آخر من المعتقلين معه من الدعاء والعلماء.
ومن جهة أخرى قال نجل الداعية السعودي سلمان العودة، الدكتور عبد الله العودة: إن النيابة طالبت بإعدام كل من الداعية عوض القرني وعلي العمري، وفي تغريدة عبر حسابه الشخصي في “تويتر”، الجمعة 7 أيلول، قال عبد الله إن النيابة طالبت أيضاً بسجن بقية الدعاة المعتقلين مدة 25 عاماً على خلفية تهم لها علاقة بـ “الإرهاب” والتحريض ضد الدولة.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل تداولت مواقع التواصل الاجتماعي إلى جانب عدد من الصحف العربية والعالمية خبر “منع الداعية السعودي محمد العريفي من الخطابة في المساجد”، وذكر حساب معتقلي الرأي الجمعة أن السلطات السعودية قامت بمنع الداعية محمد العريفي من إلقاء خطب الجمعة ومن المشاركة في كل النشاطات الدعوية.
وفور انتشار الخبر تفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع الخبر، وعكست هاشتاغات #منع_العريفي_من_الافساد و #منع_العريفي_من_الخطابة تبايناً في الآراء بشأن منع الداعية من الخطابة.
وندد مغردون بمنع العريفي من الخطابة وتساءلوا عن جدوى الاعتقالات والتضييق على رجال الدين في السعودية وعن مستقبل علاقتهم مع السلطة، ويعتبر مغردون ذلك مخالفة لرؤية 2030 وبداية لـ “تأسيس عهد جديد من القمع”.
محاكمة الداعية السوري المنجد
شرعت المحكمة الجزائية المتخصصة في السعودية الأحد، بمحاكمة الداعية السوري المثيرة للجدل محمد صالح المنجد لينضم إلى قائمة من بدأت محاكمتهم ضمن ما يعرف بالخلية الاستخباراتية المرتبطة بجماعة الإخوان المصنفة إرهابية في السعودية، وأبرز أعضائها الداعية سلمان العودة وزميله عوض القرني.
وقالت وسائل إعلام محلية، اليوم الأحد: إن المحكمة بدأت النظر في قضية متهم سوري الجنسية بمجموعة من التهم وصلت إلى 8 تهم، أبرزها تأييد جماعة الإخوان المسلمين، وقدمت النيابة العامة لائحة الدعوى للمتهم للرد عليها، موضحة أن المتهم الذي لم تذكر اسمه، يعدّ من أوائل مؤسسي المواقع الإلكترونية، علاوة على تقديمه عدداً من البرامج في القنوات الفضائية.
السديس يغازل السلطة
وقال ناشطون إن إمام المسجد الحرام، أشار بشكل عرضي إلى محاكمة السلطات السعودية لعدد من الدعاة المعتقلين، وتداول ناشطون جانباً من خطبة الجمعة للسديس في الحرم المكي، قال فيها: “مما يثير الأسى أن نرى أقواماً من أبناء الأمة قذفوا بأنفسهم في مَرَاجِلِ الفِتَنِ العمياء، والمعامع الهوْجَاء، في بُعْدٍ واضح عن الاعتدال والوسطية”.
وتابع السديس: “هذا تفريط وجفاء، وتَنَكُّر واضح لسبيل الحُنَفَاء الأتقياء، وإنَّ تَنَكُّر هذه الفئات لمبادئ دينهم ولهفهم وراء شعاراتٍ مصطنعة، ونداءات خادعة، لهو الأرضية المُمَهِّدَة للعدو المتربِّص”.
أمثال السديس مرغوبون جداً ومرحب بهم في عهد الأمير الشاب لا بل يتم تكريمهم وتقديمهم على أنهم النموذج الذي يحتذى به في البلاد وعلى الناس اتباعهم، وهذا يظهر مدى ديكتاتورية ابن سلمان في التعاطي مع رجال الدين وكل من يقف في طريق طموحاته التي لم يتحقق منها أي شيء حتى اللحظة.