عطوان : نهاية عصر الدولار أوشكت …وحرب العملات بين الصين وأمريكا تقترب من ذروتها.
متابعات // وكالة الصحافة اليمنية // كشف الكاتب السياسي الفلسطيني الصحفي “عبد الباري عطوان” عن أسباب الهيمنة الأمريكية على العالم ككل وعلى المنطقة العربية خاصة باالتلاعب بالاقتصاد والعملات الدولية في ظل هيمنة الدولار، وتوقع “عطوان “بأن الأزمة الاقتصادية ستؤدي إلى مواجهاتٍ عسكرية بين أحد أهم دول عالمية لهثًا خلف الاقتصاد كـ الصين وأمريكا. وقال :ان […]
متابعات // وكالة الصحافة اليمنية //
كشف الكاتب السياسي الفلسطيني الصحفي “عبد الباري عطوان” عن أسباب الهيمنة الأمريكية على العالم ككل وعلى المنطقة العربية خاصة باالتلاعب بالاقتصاد والعملات الدولية في ظل هيمنة الدولار، وتوقع “عطوان “بأن الأزمة الاقتصادية ستؤدي إلى مواجهاتٍ عسكرية بين أحد أهم دول عالمية لهثًا خلف الاقتصاد كـ الصين وأمريكا.
وقال :ان هَيْمَنة الدُّولار الأمريكيّ كعُملةِ احتياطٍ رئيسيّةٍ في العالَم بأسْرِه بَدأت تتضعضع، وتَقترِب من الانهيار الكامِل، وربّما خِلال أشْهُرٍ مَعدودةٍ، في ظِل تَزايُد التَّوجُّه في مُعظَم دُوَل العالم للتخلِّي عن العُملةِ الأمريكيّة بعد أن طَفَحَ كَيلهم مِن الغطرسةِ والحِصارات والعُقوبات الاقتصاديّة والانخراطِ في حُروبٍ هزّت استقرار العالَم وأمنِه واقتصاده.
فعِندما تُقَدِّم دُوَل مِثل الصين وروسيا وايران وفنزويلا على خَطواتٍ استراتيجيّةٍ جديّةٍ للتَّخلِّي عَن الدُّولار لمَصلَحة عُملات أُخرى مِثل اليوان الصيني و”اليورو”، فإنّ هذا يعني أنّ “عرش” الدُّولار الأمريكيّ باتَ مُهَدَّدًا، وأنّ هَيمَنته باتَت أيّامها مَعدودَةً.
الصين اتَّخَذت قرارًا قبل أيّام باعتمادِ عُملَتِها المحليّة “اليوان” لتَسعيرِ النِّفط وتَسديدِ وارِداتِها مِنه، في كًل العُقود النِّفطيّة المُستقبليّة، وإطلاق “البترو يوان” كبَديلٍ لـ”البترو دولار” اعتبارًا من أوائِل العامِ المُقبِل.
الخَطَأ الأكبَر الذي ارتكَبته الوِلايات المتحدة عام 1971 بفَكِّ ارتباط عُملَتها بالذَّهب، والانسحاب من الاتفاق الماليّ Bretton Woods الذي جَرى التَّوصُّل إليه بعد الحرب العالميّة الثانية، ممّا سمَح للبنك المركزيّ بطبع المِليارات من الدولارات دُونَ غِطاءِ الذَّهب، بدأت نتائجه تَنعكِس هَذهِ الأيّام بجَلاءٍ، خاصَّةً مع مَجِيء الرئيس إلى البيت الأبيض، وأبْرَزها انهيارُ عَرش الدُّولار.
جان كلود يونكر، رئيس المفوضيّة الأوروبيّة سَخِر مِن إقدامِ الوِلايات المتحدة على إجبارِ الأُوروبيين على شِراء سِلَعِهم الخاصّة بالدُّولار، ووصَف هَذهِ الخُطوة الأمريكيّة بـ “السَّخيفة” بينَما قال وزير الماليّة الفرنسي برونو لوماير قبل أيّام بأنّه يُريد أن تكون حُكومته الماليّة غير مُرتَبطةٍ بالدُّولار، وأكّدت وكالة “بلومبرغ” الاقتصاديّة العالميّة أنّ روسيا تُقَلِّص أُصولها الماليّة مِن الدُّولار لارتفاعِ المَخاطِر المُرتَبِطَة بالعُملةِ الأمريكيّة في التَّعامُلات الدوليّة بالإضافةِ للتحدّي الصِّيني المُتصاعِد.
الحَرب التجاريّة التي يُعلِنها الرئيس ترامب على أوروبا وكندا والصين وروسيا وفَرضِه ضرائب عالية على الوارِدات الأمريكيّة القادِمة مِنها (200 مِليار دولار على الصين وحدها كدُفعَةٍ أُولى) باتَت تَلعَب دورًا كبيرًا في توحيد العالم ضِد الولايات المتحدة وإنهاءِ هَيمنَتِها الاقتصاديّة وبأسرعِ وَقتٍ مُمكِنٍ.
قرار الدُّوَل الخمس المَذكورة آنِفًا بالتخلِّي عَن الدُّولار (الصين، روسيا، إيران، فنزويلا والاتحاد الأوروبي) سيُؤدِّي إلى إضعافِ، إن لم يَكُن إنهاء، سِلاح العُقوبات الاقتصاديّة الذي تَستخدِمه الإدارة الأمريكيّة بشَكلٍ مُبالَغٍ فيه هَذهِ الأيّام، لأنّ الاستغناء عن الدُّولار عالميًّا، كُلِّيًّا أو جُزئيًّا، سيُقلِّص مِن القُدرة الشرائيّة للمُستَهلك الأمريكيّ، حيثُ سيُؤدِّي إلى جعل قيمة الواردات مُرتَفِعَةً جِدًّا، وفوق مُقدّراتِه الشرائيّة، حسب أقوال الكثير مِن الخُبراء الاقتصاديين الذين يُتابِعون هَذهِ الحَرب الماليّة.
الصين هِي أكبر دَولة مُستَوردة للنِّفط في العالم، أو ما يُعادِل 8.48 مليون برميل يوميًّا، وروسيا هِي أكبَر دولة مُصدّرة له بعد السعوديّة، أي ما يُعادِل حواليّ 7.3 برميل يوميًّا، ومِن المَنطقي أن تتخلّى الدَّولتان عَن الدُّولار في تَسعير النِّفط، وتَسديدِ ثمنه استيرادًا وتَصديرًا.
هًناك معلومات مُؤكّدة تُفيد بأنّ الصين تُمارِس ضُغوطًا على المملكة العربيّة السعوديّة بقُبول عُملتها المحليّة “اليوان” لتَسديد قيمة وارِداتها النِّفطيّة مِنها، وإذا رفضت فإنّها ستَلجأ إلى مصادرٍ بَديلةٍ أُخرَى.
مُعظَم صادِرات دُوَل الخليج وإيران تذهَب حاليًّا إلى الصين ودُوَل شَرق أسيا، وحتّى نكون أكثر دقّة فإنّ 18 مليون برميل تَمُر يَوميًّا عَبر مضيق هُرمز تَذهَب 80 بالمِئة مِنها إلى تِلك الأسواق الآسيويّة، والصين والهِند على رأسِها.
التخلّي عن الدولار كعُملةِ احتياطٍ رئيسيّة دوليّة مُغامَرة ليست خالِية مِن المَخاطِر، فعِندما أراد الرئيس العراقي صدام حسين بيع نِفط العِراق (حواليّ 5 مليون برميل يوميًّا) باليورو والتّخلِّي عن الدُّولار لم تَغفِر له أمريكا هَذهِ الخُطوة، ودمّرت بلاده تحت حُجَج وأعذارٍ كاذِبةٍ (أسلحة الدمار الشامل) ونَصَبت له مِصيَدة الكويت، وواجَه العقيد معمر القذافي المَصير نفسه عِندما قرّر إصدار الدينار الذَّهبي الأفريقي للاستغناء عن الدُّولار، وأكّدت وثائِق فرنسيّة وبِريطانيّة أن غزو “الناتو” لليبيا وتغيير نظامها جاءَ بسبب هَذهِ الخُطوة وبتَحريضٍ أمريكيّ.