المصدر الأول لاخبار اليمن

أصــوات الحشـر في مستشفى الثـورة بـ العاصمة صنعـاء

قصة صحفية خاصة لـ// وكالة الصحافة اليمنية// #رشيد البروي           بعد سُبات العالم تحت جُنح الليل، وتحديدًا الساعة الثانية بعد المُنتصف، وعلى الدور الثالث من غُرف الجرحى بمستشفى الثورة بالعاصمة صنعاء، تسمع حينها أصوت تكادُ أن تخلع مسامعگ فهذا يجح بصوت الموت، وهذا يصرخ صرخات الوداع ، وهذا ينتدب ويستغيث بالله ، وهذا يستنجد بإحد […]

قصة صحفية خاصة لـ// وكالة الصحافة اليمنية//


#رشيد البروي 

         بعد سُبات العالم تحت جُنح الليل، وتحديدًا الساعة الثانية بعد المُنتصف، وعلى الدور الثالث من غُرف الجرحى بمستشفى الثورة بالعاصمة صنعاء، تسمع حينها أصوت تكادُ أن تخلع مسامعگ فهذا يجح بصوت الموت، وهذا يصرخ صرخات الوداع ، وهذا ينتدب ويستغيث بالله ، وهذا يستنجد بإحد والديه، وهذا يتأوه في عالم الأوجاع والتقرحات القاتلة.

 

وعلى مقربةٍ من اصحاب الإصابات التي تجاوزت الأسابيع، يُذعن المر المار أو الزائر لسماع زفراتٍ و حسراتٍ وتأوهات وتأففات خانقة، وتارة تهليلات وتكبيرات واستغفار للواحد القهار ) … ياالله .. ما أصعب الحياة هُنا،  وما أصعب العيش ….!

 

وكيف لا تكره الحياة وانت تُصغي لحالاتٍ ليست بكوارث او حوادث طبيعية، فمعظمهم موطنين إثر غارات العدوان السعودي المهووسة بفن القتل والقصف، وجرحى جبهات العزة والكرامة .

في الغرفة رقم ثلاثة تتوقف “وكالة الصحافة اليمنية” مع 6 حالات، خمس منها مدنية، بفعل غارات العدوان وواحدة أُخرى حادثة طبيعية لطفلٍ مدني.

ولأن “قناة المسيرة” وغيرها من القنوات كفيلة بتغطية أحداث الطيران وجرحى الحرب والعدوان، حاولة “وكالة الصحافة اليمنية” أن تقف في سرد قصة هشّمت جدار المستشفى وفتتت سويداء القلوب، لـ طفلٍ مدنيٍ مُصاب بكسرٍ في الحوض.

طُفلٌ ملقي على السرير، أبٌ جالس على الكرسي وعليه ما عليه من المآسي والكرب التي فحمت وجهه،ملامح والد الطفل كقطعةٍ من صخر اسود عينيه مُكتحلتان بالقهرِ والغُلبِ والمعاناة ، يحمل فاجعة تكاد أن تُزحزح جبال صنعاء.

وعلى استراحة الغرف المُطلة على جبل نقم، حاولنا التخثث لمعرفة ما يصول في عواطف الأب “والد الطُفل ناصر محمد الوصابي” أزا أبنهِ المُصاب “عبد الرحمن ناصر محمد الوصابي”

 بعد المنتصف، يُتمتم الأب “ناصر” على ذلك الجو السحري من شُرفة المُستشفى المُتربعة على صنعاء وبين نشيج البكاء وتقهدات القلب وحرقة الصدر تنهمر الدموع

ليقول: “تزوجتُ وخلفت ثلاثة ابناء الأول والثاني مصابان بتجلط وتكسر في الدم، والثالث هذا أبني عبد الرحمن، يبلغ من العمر ١٤ سنه، ونظرًا لظروفي الصعبة وتعثري عن توفير صرفة البيت، أُجبرت على اخراج أبني عبد الرحمن من الدراسة منذُ كان في الصفوف الابتدائية، وأخذهِ للعمل في تبزيغ القات معي في قبيلة (همدان) ، لمساعدتي على صرفة البيت.

يضيف قائلًا : الأسبوع الفائت اتصل بي عم أبني ( الرعوي الذي كان يشتغل معه) ليقول لي أُصيب أبنك عبد الرحمن في” همدان”  إذ سقط من أعلى “شجرة القات” ووقع على صخرة كسرت له الحوض، ما جعلتُه طريح الفراش وبلا حركه، حينها أُصبت بغيبوبة وكآن السماء وقعت على الأرض ولم أدري أين أنا، فليس لي غير عبد الرحمن يعمل على توفير لقمة العيش للبيت، ولا أملك في الدنيا سواه، هاهو قد سقط، سقط …..!

 

تحركت اليوم التالي لأجد أبني طريح السرير في مستشفى الثورة، فحضنتهُ وهو كالمشلول وبكيت عليه وعليا، فأنا من قتلت أبني بالعمل.. أنا ..أنا ..أنا….!!

 

يجهش بالبكاء ويردف قائلاً :”أشتغلت في هذه المهنة جُل عمري لأني لا أجيد غيرها، منذُ أن تم ترحيلي من السعودية في عام١٩٩٠ اليوم  شخت وتراهلت أعضائي بعد مرض أبنائي، وكذلك لم تعد مهنة التبزيغ تأُمنك قوت يومك ، فالأمس كانت العملية بمبلغ ١٠٠الف ريال  وقد قرر الأطباء الرقود لأبني أكثر من شهرين ، وانت تعلم تكاليف الرقود داخل المستشفى.”

يتابع   ودموعهِ تتفطر ” لا أعرف أين أسير كان لدى زوجتي قطعة ذهب، هانذا قد بعتها وسددت العملية، فالمستشفيات لا يرحمون، وأنا لست من أهل الشكوى والمذلة، أو اولئك المتسلبطين والمهرطقين، وما دام الله موجود وانا ماسگ بحبله، ومن مسك به ما يضيع”

 

في اليمن السعير ما يجعلك تتلعثم وتُطرق في غياهيب اللاحياة، في اليمن طفولة تُقتل بحثًا عن رزق العيش، لا يوجد فئة يُقال لها أطفال شوارع ومشردين فالطفولة والشباب كُلهم أبناء شوارع ومشردين باحثين عن عيشٍ بكرامة وأي عيشٍ، يكدح فيه العامل طول اليوم بـ ١٥٠٠ أو ١٠٠٠ ريال.

 

وكيس دقيقٍ يبلغ قيمته ١٥٠٠٠ الفً، وحدث وبلا حرج عن جحيمٍ يتلوه جحيم، وحربٍ ظالمةٍ يتلوها حربٍ أشد وأفتك وأظلم من أي وقتٍ مضى.!

قد يعجبك ايضا