الدكتور القاسمي يكشف أسباب استمرار حصد مدرسة جمال عبدالناصر للمراتب الأولى على الجمهورية
شهدت الأعوام الأخيرة نجاحا ملفتا للمدرسة الأولى للمتفوقين في اليمن، فاعتلى طلابها قائمة العشرة الأوائل للجمهورية في نتائج الثانوية العامة، محققين معدلات لا تقل عن 94 في المئة وهو ما لا تحصل عليه معظم مدارس الجمهورية، وهذا ما يثير تساؤل الكثير من الناس عن سر تميز المدرسة عن سواها. وكالة الصحافة اليمنية التقت مدير ثانوية […]
شهدت الأعوام الأخيرة نجاحا ملفتا للمدرسة الأولى للمتفوقين في اليمن، فاعتلى طلابها قائمة العشرة الأوائل للجمهورية في نتائج الثانوية العامة، محققين معدلات لا تقل عن 94 في المئة وهو ما لا تحصل عليه معظم مدارس الجمهورية، وهذا ما يثير تساؤل الكثير من الناس عن سر تميز المدرسة عن سواها.
وكالة الصحافة اليمنية التقت مدير ثانوية جمال عبدالناصر للمتفوقين الدكتور محمد القاسمي، وطرحت عليه تساؤلات عديدة:
حوار خاص/ وكالة الصحافة اليمنية
الوكالة: لماذا استمرت المدرسة في التفوق في ظل انهيار التعليم في معظم مدارس الجمهورية بسبب الحرب والحصار؟
-
القاسمي: نبارك للقيادة السياسية ممثلة برئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط وقيادة وزارة التربية والتعليم والعاملين في هذا الحقل التربوي وكذا اللجنة العليا للامتحانات على نجاح امتحانات الثانوية العامة في ظل هذه الظروف التي تمر بها اليمن بسبب الحرب والحصار الذي يفرضه التحالف ومحاولة السعودية تعطيل العملية التعليمية في بلادنا، فهذا النجاح يعتبر نصرا كبيرا لوزارة التربية والتعليم، ولا أنسى أبنائي الطلاب أهنئهم بهذا النجاح وخاصة طلاب الثانوية العامة للعام 2017 – 2018 وأوائل الجمهورية وأوائل مدرسة جمال عبد الناصر للمتفوقين على وجه الخصوص.
ما يميز جمال عبد الناصر هو تواجد الإدارة والمدرسين باستمرار وحرص الإدارة على توفير الحد الأدنى من أجور المعلمين حتى تستمر العملية التعليمية عن طريق الوزارة ومجلس الآباء، إذ يقوم 600 أب في الجمعية العمومية لمجلس الآباء بترشيح عشرة أعضاء، هؤلاء ينضمون مباشرة إلى مجلس الآباء ويكون لهم الدور الرائد في رفد المدرسة بالمعونات اللازمة التي تستخدمها كبدل مواصلات للمعلمين أو بدل حصص، وتوفير بدل مواصلات للطلاب بمقدار 11500 لكل طالب وحافز شهري وبطاقة غداء للمعلم والطالب، كما أن وزارة التربية ممثلة بالوزير يحيى الحوثي ومدير مكتبه سعيا إلى مخاطبة وزارة المالية بحق الخصوص لعبد الناصر وتم توفير مبلغ ستة ملايين وثلاثمئة ألف ريال يمني، إضافة إلى مجلس الآباء والدعم الذي يوفره للمدرسة، فنحن في الوقت الحالي نصرف من 60 – 100 ألف ريال في اليوم كبدل مواصلات.
هذا جانب أما الجانب الآخر فهو حرص المدرسة على اختيار الطلاب والكادر التعليمي، فالطالب الملتحق بثانوية عبدالناصر يجب أن يحوز أكثر من 85 في المئة في امتحان الشهادة الأساسية وأن يجتاز امتحان المفاضلة في المواد الأساسية وامتحان الذكاء الذي تقيمه المدرسة للمتقدمين حتى يتم اختيار أفضل 200 طالب من بين المتقدمين، هذا المعيار يجعل طلاب المدرسة مرشحين للأوائل بقوة، أما اختيار الكادر التعليمي فيمر عبر إعلان من وزارة التربية والتعليم في وسائل الإعلام عن حاجة المدرسة إلى معلم في تخصص معين، ويجرى للمتقدمين امتحان يتم على ضوئه اختيار أفضلهم ليلتحق بالكادر التعليمي لعبدالناصر، وهذا ما جعل أكثر كوادر المدرسة يحملون شهادتي الماجستير والدكتوراه.
الوكالة/ هل هذه الأسباب أدت إلى حصد الطلاب درجات عالية وقياسية؟
-
القاسمي: كل ذلك بالإضافة على توفير البيئة الصفية والأنشطة الصفية واللاصفية وتنوع العملية التعليمية من خلال توفير المعامل والسبورات الذكية باستخدام الداتا شوب وتشغيلها أدى إلى تفوق المدرسة، والحقيقة أننا توقعنا أكثر من ذلك غير أن أوائل الجمهورية عادة توزع على المحافظات، وقد حصدت عبدالناصر عشرة مراكز في أوائل الجمهورية وبقية الطلاب حصدوا المراكز الباقية لأوائل العاصمة، لأن أقل طالب في المدرسة نال معدل 94 في المئة.
الوكالة/ ماهي الصعوبات التي تواجهكم في المدرسة؟
-
القاسمي: الصعوبات التي تواجهنا في الغالب هي صعوبات مادية، نحن بحاجة إلى تمييز عبدالناصر عن بقية المدارس، فهي الأولى في الجمهورية للمتفوقين، وتتبع الوزارة مباشرة. كان هناك رجال أعمال يدعمون المدرسة منهم حسن الكبوس والكريمي وبازرعة والغرفة التجارية والصناعية، حث كان يصل الدعم السنوي للمدرسة من الجهات المانحة إلى نحو 200 مليون ريال سنويا من خلاف ما يأتي من الوزارة وإذا ما قرنا ما يتوفر اليوم بما كان عليه في السابق أي عند تأسيسها للمتفوقين لوجدنا أن ما يتوفر اليوم هو عشرة في المئة من ميزانية صف واحد في السابق، وهذه الصعوبات اضطرتنا إلى التعاون مع المعلمين من خلال السماح لهم بالتنسيق مع مدارس أخرى حتى يستطيعون التغلب على الصعوبات المادية.
الوكالة: ما مستوى أداء الأجهزة التشغيلية للمدرسة؟
-
القاسمي: لدينا مولد متوقف منذ نحو ثلاث سنوات لعدم توفر الديزل وحينما نحتاجه نقوم بشراء الوقود لتشغيله، ولدينا طاقة شمسية لكنها لا تكفي لأنها 10 كيلو وتشغيل المدرسة يتطلب 20 كيلو؛ لأن السبورات الذكية تأخذ حيزا كبيرا وكذا معمل الحاسوب، فلو أردنا تشغيل معمل الحاسوب لا نستطيع تشغيل السبورات الذكية والعكس، وكان لدينا خطوط أنترنت تتيح للطالب من خلال الساعات البحثية البحث عن المعلمات التي يحتاجها في دراسته، لكن هذه الخطوط اليوم تم فصلها عن المدرسة بسبب تراكم المبالغ علينا لشركة الاتصالات، منذ العام 2015 بسبب توقف الميزانية.
الوكالة: في حالة توفرت المبالغ مرة أخرى كيف سيكون الدور الذي ستقدمه المدرسة مستقبلا؟
-
القاسمي: هي اليوم ورغم الظروف التي تمر بها البلاد حققت المدرسة نجاحا كبيرا ولكنها تسعى اليوم إلى تفعيل مجلس أمناء أمانة العاصمة الذي يترأسه أمين العاصمة بالتعاون مع خمسة أكاديميين من جامعة صنعاء وخمسة من رجال الأعمال، فإذا تم تفعيل مجلس الأمناء وأعيد الدعم السابق إلى المدرسة فستقدم المدرسة دورا رائدا وكبيرا جدا أكثر مما تقدمه اليوم.
الوكالة/ سقف القبول قليل.. أليس من الجيد رفعه لتستوعب المدرسة المزيد من المتفوقين؟
-
القاسمي: في الوقت الحالي هناك صعوبة كبيرة لأننا نستقبل 200 طالب موزعين على خمس شعب بمعدل 40 طالب في كل شعبة وهذا يخالف معايير الجودة العالمية؛ لأن الحد المناسب لعدد الطلاب في فصول التفوق لدى مدارس المتفوقين يجب أن لا يزيد عن 25 طالب، بمعنى أنه كان يفترض توزيع الـ 200 على ثمان شعب وليس خمس، ولكن الظروف المادية لا تسمح لأننا أتحنا للمعلمين البحث عن وسائل أخرى يستطيعون من خلالها الحصول على ما يستطيعون من خلاله التغلب على صعوبة العيش في الوقت الحالي.
الوكالة/ ما هو مستقبل أوائل الجمهورية في ظل توقف المنح الخارجية التي تقدمها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي؟
-
القاسمي: هناك نسبة من الطلاب يدرسون في الخارج وحصلوا على منح لإكمال دراساتهم عبر التعليم العالي وبعضهم عبر اليونيسكو ومنظمات ودول أخرى وهذا أمر محزن للغاية أرجو أن يروا لها حلا لأن هؤلاء هم ثروة بلادنا، ونحن لا نفتخر بأي ثروة مهما كانت كما نفتخر بثروة العقول، وهذه الثروة اليوم تغادر بلادنا ومعظم العقول لا تعود إلى الوطن، وعليه نناش كل من له صلة بالموضوع أن يعملوا حلا لهذا الأمر، بحيث نستطيع الاستفادة من هذه العقول في خدمة البلد، لأنها عقول مبدعة في كل المجالات وحين تذهب إلى الخارج تحصل على المرتبة الأولى هناك.
الوكالة/ الكثير من طلاب ثانوية عبدالناصر يلتحقون بالجامعات اليمنية، ما الصورة التي يجدون عليها الجامعات بعد مدرسة المتفوقين؟
-
القاسمي: نقلوا لنا طلاب بعض تجاربهم الصادمة، فبعضهم وجد الدراسة في الطب والآخر في الهندسة أسهل من الدراسة في عبدالناصر، لأن خدماتنا نوعية، ولك أن تتخيل أن بعض المتقدمين لعبد الناصر حاصلين على أعلى من 90 في المئة في الشهادة الأساسية لكنه يحصل على نسبة في الستينات عند امتحان المفاضلة للمدرسة، وبالتالي يجدون الدراسة في جامعة صنعاء أسهل من المدرسة، ففي امتحان القبول للطب في جامعة صنعاء حصل 25 طالب من عبد الناصر على المقاعد الأولى من بين الـ 100 المقبولين.
كلمة أخيرة
-
القاسمي: الشكر لقيادة الوزارة وأولياء الأمور ونحثهم على بذل المزيد من الجهود وتحسين الظروف البيئية لأولادهم، حتى نستمر في حصد التميز رغم الظروف التي يعاني منها الكثير من الآباء، ولعل ما يميز المدرسة هو أن البعض يظن أن مدرسة عبدالناصر يدخلها أبناء الأسر الميسورة، والحقيقة هي أن معظم أولياء الأمور هم من الفقراء، ولذلك نناشد الجهات الداعمة إلى أن يعملوا بصورة أو بأخرى لإعادة الدعم الكامل للمدرسة حتى يتسنى توفير كل احتياجات المدرسين والطلاب، وإن شاء الله سيكون لها الدور الكبير على المستوى العربي وليس المحلي فقط.