تقارير (وكالة الصحافة اليمنية)
أكد مختصون، أن تفاهمات التهدئة الجديدة مع الاحتلال الإسرائيلي بعد جولة التصعيد الأخيرة، تختلف عن سابقتها، لأنها جاءت عقب “فشل أمني وعسكري” إسرائيلي، ورد نوعي من قبل المقاومة الفلسطينية في غزة.
وأوضح أستاذ العلوم السياسية، هاني البسوس، أن “التوصل لحالة الهدوء الحالية، جاءت بعد أن تمكنت الفصائل الفلسطينية من كسر إرادة جيش الاحتلال، لتثبت مدى هشاشة المنظومة الأمنية الإسرائيلية، وضعف الائتلاف الحكومي المهدد بالتفكك”.
وأضاف “: “لقد جاءت استقالة وزير الحرب أفيغدور ليبرمان أمس، لتأكد حالة الاختلاف السياسي وضعف الائتلاف الحكومي وانعدام الرؤية الجماعية في التعامل مع قطاع غزة”.
ونوه البسوس، إلى أن “استقالة ليبرمان ليست اعترافا بالفشل، ولكن احتجاجا على عدم اتخاذ قرار الحرب ضد غزة، وطمعا في المنافسة على منصب رئيس الوزراء في الانتخابات القادمة”.
وأكد البسوس، أن “تفاهمات التهدئة الحالية، جسدت حالة التفوق العسكري لحركات المقاومة الفلسطينية ومدي التطور النوعي في إمكانياتها رغم حصارها”، لافتا إلى أن “أعضاء الكابينت الإسرائيلي، لم يتمكنوا من اتخاذ قرار الحرب لعلمهم بمدى ردة فعل المقاومة الفلسطينية، وما ستؤدي إليه المواجهة العسكرية من مسائلة قانونية وسياسية لقادة الحرب في إسرائيل”.
من جانبه، رأى رئيس معهد فلسطين للدراسات الاستراتيجية إياد الشوربجي، أن ما “ميز اتفاق التهدئة الجديد، أنه جاء بعد فشل أمني وعسكري مزدوج للعدو، عقب عمليته الأمنية الفاشلة شرق خانيونس (مساء الأحد الماضي)، ورد المقاومة الذي بدأ بضرب حافلة الجنود، وانتهى بمشاهد الرعب التي أحدثتها مئات الصواريخ التي أطلقتها المقاومة على المستوطنات الإسرائيلية”.
“تآكل الردع”
وأكد أن “إدارة المشهد سواء في جانب التصعيد أو التهدئة، كان عبر الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة، وهو مشهد وحدوي منح ميزة إضافية لحالة المقاومة في غزة، ستنعكس على تفاهمات التهدئة؛ إما بالالتزام بها ما التزم الاحتلال أو التخلي عنها في حال ارتكبت إسرائيل أي حماقة جديدة في غزة”.
وأوضح الشوربجي، أن “توجه نتنياهو للتهدئة رغم معارضة ليبرمان المستقيل، كشفت عن مدى التآكل في قدرات الاحتلال الردعية لصالح المقاومة، وأن الاحتلال لم يعد هو اللاعب المقرر في الميدان، بل المقاومة استطاعت انتزاع زمام المبادرة في العديد من المرات، وأضحت قادرة على صناعة الفعل وإنهائه في الوقت الذي تريد، وهذا ما قد يعزز من فرص تثبيت التهدئة مستقبلا بشروط أفضل”.
من جهته، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة، مخيمر أبو سعدة، أن “جميع الأطراف غير معنيين بالذهاب في عملية عسكرية موسعة، وحماس كانت في ردها على العدوان الإسرائيلي ضمن ما يسمى غلاف غزة، ولم تتجاوز مدينة عسقلان، كما أن الكابينت لم يقرر الخوض في عملية عسكرية”.
وأضاف “يبدو أن لإسرائيل حسابات أخرى، وهي ليست معنية بالدخول في عملية عسكرية في الوقت الحاضر”، لافتا أن “المقاومة أرادات أن تؤكد للاحتلال عبر ردها في جولة التصعيد الأخيرة، أن الجيش الإسرائيلي في مرمي نيران المقاومة؛ التي يمكنها أن تصيب أهدافها بدقة لو أرادت ذلك، وهو ما أكده فيديو الحافلة”.
“إنجاز هائل”
وذكر أبو سعدة، أن “عدم قدرة القبة الحديدة التصدي لصواريخ المقاومة، إضافة لحجم الدمار اللافت الذي أحدثته تلك الصواريخ في الأماكن التي سقطت بها، يدل على أن المقاومة تمتلك صواريخ ذات قوة تفجيرية أكبر من المرات السابقة (الحروب الثلاثة السابقة)”.
ونبه أستاذ العلوم السياسية، أن “فشل العملية السرية الإسرائيلية بخان يونس، سيجعل إسرائيل تفكر جيدا في المرات القادمة في حال فكرت في التسلل للقطاع، وهي باتت تدرك جيدا أن غزة ليس مثل أي دولة عربية تفعل بها ما تشاء (سوريا، لبنان، الإمارات، تونس..)”
كما أعتبر الخبير في الشأن الإسرائيلي، صالح النعامي، أن التوصل لتهدئة عقب رد المقاومة، هو “إنجاز هائل للمقاومة؛ لا يتمثل فقط في نجاحها في تثبيت قواعد الاشتباك التي أملتها بعد اندلاع مسيرات العودة، بل يؤسس لنمط علاقات جديدة مع الاحتلال يكون التلويح بخيار القوة من قبل تل أبيب في المستقبل خيارا بكلفة كبيرة”.
ورأى في منشور له على “فيسبوك”، أن “حرص المقاومة على القصف حتى النهاية رغم التهديدات الصهيونية، وفي ظل ظروف داخلية ودولية وإقليمية بالغة الصعوبة للمقاومة، سيحسن من قدرتها على إملاء اتفاق تهدئة محترم لأنه لفت نظر نتنياهو إلى عواقب فشل جهود التهدئة”.