هل يحضّر العدوان على اليمن مناورة التفاف بعيداً عن الحديدة؟..
تحليل // شارل أبي نادر* من دون العودة للتفاصيل الميدانية التي تؤكد ذلك، لقد اصبح واضحا لتحالف العدوان على اليمن إستحالة احتلاله الحديدة، وانتزاع النقطة الاكثر استراتيجية وحيوية على الساحل الغربي من الجيش واللجان الشعبية، وفي نفس الوقت اصبح واضحا ايضاً للجميع إستحالة انسحاب تحالف العدوان وخاصة قائدته السعودية من المستنقع اليمني، دون تحقيق […]
تحليل // شارل أبي نادر*
من دون العودة للتفاصيل الميدانية التي تؤكد ذلك، لقد اصبح واضحا لتحالف العدوان على اليمن إستحالة احتلاله الحديدة، وانتزاع النقطة الاكثر استراتيجية وحيوية على الساحل الغربي من الجيش واللجان الشعبية، وفي نفس الوقت اصبح واضحا ايضاً للجميع إستحالة انسحاب تحالف العدوان وخاصة قائدته السعودية من المستنقع اليمني، دون تحقيق الحد الادنى من بعض الاهداف في اليمن، والا سيترتب من جراء ذلك تداعيات كارثية، لن تقتصر فقط على الهزيمة والاستسلام، بل ربما تتعداها الى ما يشبه السقوط والانهيار من الداخل.
من هنا، نشاهد هذا الارتباك للعدوان على اليمن والدوران في حلقة مفرغة، بين عشرات المحاولات الهجومية الفاشلة، وبين طرح عشرات مناورات الخداع: وقف اطلاق النار”الهش”، تجميد العمليات العسكرية “الموضعية”، الهدنة للتفاوض “تحت الصواريخ” والتفاوض للتسوية ” في ظل القنابل الذكية، وغيرها من المحاولات للالتفاف على الفشل في الميدان ومحاولة إكتساب بعض النقاط والمواقع.
حتى الآن، وبالرغم من ادعاءاتهم بعكس ذلك، يبدو أن الضوء الاخضر الاميركي بالتحديد، ما زال ساري المفعول امام السعودية لانتزاع ما يحفظ ماء الوجه قبل وقف العدوان ، ومسرحيات المجتمع الدولي وخاصة الاوروبي، وتمثيليات مجلس الامن ومبعوثيه، لا تقدم ولا تؤخر في القرار الاميركي، الذي تنفذه السعودية الامارات، والقاضي بمتابعة العدوان على اليمن.
من ناحية اخرى، لم يعد من امكانية ميدانية او عسكرية، على الاقل في المدى المنظور، لاستكمال اية محاولة هجومية على مدينة ومرفأ الحديدة، فالامكانيات التي سُخِّرَت لجميع العمليات تلاشت مع صمود ابطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية، والجهود الواسعة والدعم المفتوح للعدوان لم يعد ناجعاً، في ظل شحّ المقاتلين من المرتزقة والتحالف، الذين يتناقصون بالمئات بعد كل عملية هجومية فاشلة، ومن ينجو منهم في المحاولات الهجومية، يعود لِيُقتل او يُصاب في مستنقع الاستنزاف على كامل مساحة الساحل الغربي .
أمام هذا الافق المسدود على الساحل الغربي، وامام هذا العجز عن وقف العدوان قبل تحقيق ولو هدف على الاقل من اهدافه بالاساس، لا يمكن استبعاد قيام تحالف العدوان بتنفيذ مناورة ميدانية بعيدا عن الحديدة، من جهة تحقق له بعضا من اهدافه قبل اي تفاوض، ومن جهة اخرى لا تتعارض مع ما طرحه اعلاميا عن وقف عملياته العسكرية، والتي حصرها في الساحل الغربي وبالتحديد على الحديدة،
وهذه المناورة يمكن إستنتاجها من متابعة جبهات المواجهة و خطوط الاشتباك بين الجيش واللجان الشعبية من جهة، ووحدات العدوان والمرتزقة من جهة اخرى، حيث تظهر اكثر من نقطة ممكن ان تكون نقطة اختراق او محاولة إختراق لجبهة الجيش واللجان الشعبية، وتتوزع بين مناطق ( الضالع والبيضا) شرق طريق تعز ـ أب ـ ذمار ـ صنعاء، وبين مناطق (حجة وعمران) غرب طريق صعدة ـ عمران ـ صنعاء، وذلك على الشكل التالي:
شرقاً: يتم تنفيذ عملية هجومية واسعة ومُركَّزة انطلاقا من منطقة الضالع حيث تسيطر وحدات العدوان، وذلك على محورين، الاول:حمام دمت ـ يريم على طريق إب ـ ذمار والهدف قطع طريق صنعاء وفصلها عن تعز، والمحور الثاني: وادي خشبة ( في الضالع ) –ـ أب ، والهدف ايضا قطع طريق صنعاء تعز والضغط على مدينة إب ومحاولة السيطرة عليها، ويملك المحوران امكانية النجاح حيث المسافة لا تتعدى الثلاثين كلم لكل منهما، ويمكن زج وحدات كافية عليها مع تغطية جوية كبيرة .
غرباً: يتم تنفيذ عملية هجومية واسعة ومركزة انطلاقا من المناطق الغربية محافظة حجة ، وايضا على محورين،
الأول: المرجلة مران – السواد والبقعة ( جنوب صعدة ) والهدف قطع طريق صعدة ـ عمران، والمحور
الثاني: وادي الشوارق ـ قاع مقبرة والهدف قطع طريق صعدة ـ عمران ايضا، ويملك المحوران ايضا امكانية النجاح، ولكن بنسبة اقل من المحور الشرقي في الضالع، حيث المسافة حوالي الستون كلم ، مع جغرافية اصعب واكثر تعقيدا من المنطقة الشرقية .
طبعا، من الناحية النظرية، هذان المحوران صالحان ميدانيا للاختراق ، فالمسافة مقبولة وامكانية الحشد وزج القوى واردة حيث يمثلان طرقا معبدة وواسعة ، ومع تغطية جوية واسعة وعنيفة من التحالف ، يمكن تأمين دعم للوحدات البرية التي ستتقدم ، ولكن …
يبقى السؤال الذي يفرض نفسه من الناحية العسكرية وغير العسكرية، هل ما زال تحالف العدوان يملك القوى البرية الكافية لتنفيذ العمليتين او احداها؟ و هل ستتغير قدرة هؤلاء المرتزقة القتالية عن ما اظهروه من ضعف على الساحل الغربي؟ حيث فشلوا في التقدم عبر الجغرافية السهلة، على عكس الجغرافيا الوعرة في جبال البيضا والضالع او في جبال صعدة وعمران؟
والأهم من ذلك كله، هل سيقاتل الجيش واللجان الشعبية اليمنية بغير المستوى الفعال الذي قاتلوا وبرعوا به ، وصمدوا حتى الان في كافة معارك الحرب على اليمن ؟ وهل سيستسلمون في المرحلة الاخيرة من تلك الحرب التي اجادوا فيها المواجهة والصمود والقتال ؟؟؟
طبعا ، تبقى الاجوبة على هذه الاسئلة واضحة، والاستنتاج الوحيد منها هو ان ابناء اليمن انتصروا، وما على العدوان الاقليمي والدولي الا الاعتراف بذلك، والعمل على بدء التسوية السياسية التي تحفظ اولا: وحدة اليمن وقراره الحر، والتي تؤمن ثانياً الحقوق العادلة لجميع مكونات اليمن.
*عميد لبناني متقاعد